وجهة نظر

بعد ان احتكر الوباء المشهد الاعلامي و كان سيد الشاشة بامتياز على طول السنتين وما يزيد، هاهي المدافع و الدبابات تستولي على اهتمام المتتبعين، و هاهي صور القنابل تتصدر عناوين الاخبار، أخبار قد تبدي غير ما تخفي، وقد تضمر غير ما تظهر.

رغم اننا نعيش في عصر التطور التكنولوجي، و ننعم بوسائل اتصال كانت في القديم القريب تعد من الخيال، إلا أننا و بشكل من الاشكال و في ظرف من الظروف استهلكنا فكرة خاطئة، او تسرب الى فهمنا معنى من المعاني المغلوطة، فكونك تجلس امام ركام من المعلومات لا نهاية له ولا حصر، فهذا أمر يتخم الدماغ بدلا من انعاشه، واستهلاك الصور و الاخبار من دون خلفية ثقافية او مناعة تربوية تحول دون تدفق الشوائب، قد يؤدي الى تشتيت الفكر و تعتيم البصيرة.
و بمقارنة بسيطة بين اسلوب حياة الانسان خلال القرن الماضي و نمط عيشه الحالي، و على سبيل المثال نعود الى الحرب التي سقناها في اول حديثنا، كيف كانت أخبار الحروب تنقل آنذاك و كيف تنقل في عصرنا الحالي، اذكر ان رجلا مسنا كان يحكي لنا عن حرب خاضها جده، و كان ينقل لنا صور المعركة من خلال سرده لتفاصيلها، فكاننا نرى الجنود و هم في ساحة الوغى، اما الان فأنت في غنى عن مخيلتك البئيسة، فدماغك قد تلقى ملايين الصور و تأكدت في كيانك آلاف الحقائق المزيفة بجوار مخيلة مخذرة.
نحن رهائن الاقمار الاصطناعية و ضحايا المعلومات الرقمية ما دمنا لم نتحرر من شاشاتنا و من اجهزتنا و لم نجعل منها اداة للتنوير و التوجيه و الارشاد، و ما دمنا لا نقرأ في كتاب و لا نخط في ورقة سوف نبقى أسرى خيوط هذه الشبكة العنكبوتية التي لفت البسيطة بشكل مخيف.

ابوندى

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.