أكادير.. مغتصبون بالتسلسل..!!

  • center;”>تنقلنا قضية ركن “من أرشيف الجريمة في المغرب” لهذا العدد، إلى مدينة أكادير الساحرة التي اهتزت ساكنتها، في أحد أيام شهر ماي من سنة 2009، على وقع جرائم ثلاثة مغتصبين بالتسلل، نفذوا مشروعهم الإجرامي بنفس الطريقة على جميع ضحاياهم منذ سنة 1994، حيث وصل عددهن إلى أزيد من مائة امرأة لازالت تحاصرهن ذكريات مؤلمة، وبتن الآن يرتعشن كلما لمحت أعينهن سيارة رونو “كونغو” بيضاء اللون تسير على الطريق… لكن لكل ضحية قصتها الفريدة من نوعها مع هذه العصابة والتي تستحق أن تروى..، لاسيما وأن جرح ما تعرضن إليه لم يندمل بعد، إذ نغص عليهن حياتهن وحولها إلى جحيم لا يطاق…

  • right;”>*إعداد: عبد الحفيظ محمد

  • تمكنت عناصر الشرطة القضائية التابعة لولاية أمن أكادير من توقيف عصابة إجرامية مكونة من ثلاثة أفراد بتهمة الاختطاف والسرقة والاحتجاز المقرون بالاغتصاب، حيث اعترفوا بارتكاب عشرات العمليات… وبهذا التوقيف تكون المصالح الأمنية بهذه المدينة قد وضعت حدا لنشاط هذه العصابة التي روعت ساكنتها لسنين طويلة، ولاسيما وسط العنصر النسوي.
  • //maacom.ma/wp-content/uploads/2024/08/259163-300×169.jpg” alt=”” width=”300″ height=”169″ />
  • الثقة العمياء
  • بدأت فصول هذه القضية التي هزت ساكنة عاصمة سوس في شهر ماي من سنة 2009، عندما تقدمت المسماة “رقية” برفقة صديقتها “نعيمة” إلى دائرة الشرطة لوضع شكاية ضد مجهول.
  • جلست الصديقتان أمام الشرطي، الذي استقبلهما في مكتبه، وبدأتا في سرد أهوال الجحيم الذي عاشتاه في أحد الليالي الباردة من هذا الشهر.
  • هذا الجحيم، بدأ عندما أرادت الصديقتان العودة إلى منزلهما في حوالي الساعة التاسعة والنصف مساء، بعد فسحة وسط مدينة أكادير الساحرة، حيث توجهتا إلى محطة سيارات الأجرة.
  • وبينما كانتا تنتظران سيارة أجرة لتنقلهما إلى وجهتهما، حتى توقفت أمامهما سيارة من نوع رونو “كونغو” بيضاء اللون وزجاجها غير شفاف، ويجلس خلف مقودها سائق شاب أكسبته السمنة والبشاشة الوسامة، أما صديقه الجالس بجانبه فإنه بصراحة شاب جميل، حيث دعوهما إلى الصعود على متن السيارة.
  • لم تتردد الصديقتان في تلبية الدعوة وصعدتا بمحط إرادتهما على متن السيارة حيث جلستا في المقعد الخلفي وطلبتا من السائق بأنهما يريدان الذهاب إلى “حي البطوار”..، وقد صدق من قال بأن أسماء الأماكن بالفعل مشؤومة.
  • نوايا مضمرة
  • لم تكن لدى”رقية” ولا لدى صديقتها “نعيمة” أي رغبة لتلبية نوايا مضيفيهما المضمرة. فالأولى مطلقة وأنجبت طفلا بعد عملية قيصرية لازال جرحها لم يندمل. أما “نعيمة”، فبالإضافة إلى كونها امرأة متزوجة فإنها كانت حائض. زد على ذلك، أنهما لم تكن تريدان وراء صعودهما على متن سيارة الغريبين سوى اقتصاد ثمن رحلة سيارة الأجرة والوصول إلى وجهتهما بسلام. لكن السائق لم يتوقف في “حي البطوار”، بل توجه إلى خارج المدينة.
  • ولما انتاب القلق “رقية” من تصرف السائق وبدأت تحتج، انطلق هذا الأخير بسرعة جنونية على الطريق الوطنية رقم 1. وفي هذه الأثناء أطلقت الصديقتان العنان للصراخ، مما اضطر رفيق السائق إلى إخراج سكين كبيرة من علبة السيارة وأمرهما تحت طائلة التهديد بالكف عن الصراخ والتزام الهدوء وإلا فإن عاقبتهما لن تمر بسلام.
  • وعند وصول السيارة إلى مستوى مقبرة تيليلة، أطفأ السائق أضواءها ثم انعطف يمينا وأخذ مسارا آخر مغامرا بالسير في جنح الظلام بأرض خلاء.
  • كان المكان مظلما ومهجورا. وبالتالي شكل فضاء ملائما للخاطفين لتنفيذ مشروعهم الإجرامي، حيث بدءا يهددان ضحيتيهما بواسطة سكين كبيرة وأداة حديدية. فلم يكن أمام الصديقتين من خيار سوى المقاومة، وهذا أمر غير وارد، أو الفرار، لكن الى أين؟
  • ومن هنا، لم يبق أمامهما سوى التوسل وإيهام المختطفين بأنهما غير مستعدتين في هذه الفرصة لتلبية رغبتهما، لكن من غير جدوى. وفي اخر المطاف استسلمتا لأمر مختطفيهما حيث تناوبا على اغتصابهما على المقعد الخلفي للسيارة. ثم قاما باحتجازهما طول تلك الليلة المشؤومة ولم يفرجا عنهما حتى مطلع الفجر، بعد أن سلباهما هواتفهما النقالة وحليهما والنقود التي كانت بحوزتهما…
  • وبعد ان انتهت الصديقتان من سرد حكايتهما التراجيدية، رافق عناصر الشرطة المشتكيتين لمعاينة مسرح الجريمة الذي هو عبارة عن أرض خلاء تمتد على طول البصر، أرض وعرة ومقفرة ومليئة بالأحجار، والشجيرات الشائكة، حيث يطل عش واد جاف.
  • عاقبة الطمع
  • ومنذ ذلك الحين لم يتم تسجيل اي شكاية مماثلة، حتى الأسبوع الأخير من شهر يوليوز من نفس السنة حيث قررت المسماة “سعيدة”، ذات 23 ربيعا، إمراة مطلقة تنحذر من مدينة الدار البيضاء وتمتهن التجميل، الخروج في فسحة رفقة صديقتها “هاجر” إلى وسط مدينة اكادير بعد ظهر يوم قائض. وفي حوالي الساعة العاشرة ليلا وبينما كانت الصديقتان تسيران على الرصيف توقفت بالقرب منهما سيارة بيضاء من نوع رونو “كونغو” زجاجها غير شفاف. فنزل من على متنها شاب أسمر اللون وقوي البنية حيث بادر صديقتها “هاجر” بالكلام وقدم لها نفسه كتاجر للخضر ويوجد تحت تصرفه منزل بحي ليراك بواركان، ويود بمعية صديقه السائق، شاب لطيف وسمين، قضاء أوقات جميلة معا. وأمام هذا الكلام المرصع للشاب لم تتردد الصديقتان في تلبية دعوته ومن ثمة صعدتا على متن السيارة.
  • وخلال الطريق، اعتقدت “سعيدة”، التي تعرف الحي جيدا، بأن السائق أخطأ مساره ومن ثمة نبهته. لكنه استمر في طريقه متظاهرا بالبراءة. وفي هذه الأثناء ضغطت “سعيدة” على هذا المخادع واحتجت مع صديقتها طالبة بأن ينزلهما على الفور. لكن السائق زاد من سرعته ثم انعطف باتجاه الطريق الوطنية رقم واحد. وطلب من صديقه اخراج “السكين الكبيرة”.
  • وعند سماعهما للحديث الذي دار بين الرجلين، تسمرت الصديقتان في مكانهما. بينما أخذت السيارة طريقا غير معبدة وأضواءها منطفئة، ثم توغلت ببطء في الأرض الخلاء الشاسعة المتاخمة لمقبرة تيليلة.
  • ليلة جحيم
  • ركن السائق السيارة بطريقة عشوائية، وشرع بمعية صديقه في فتح قنينات البيرة، ثم طلب من “سعيدة”وصديقتها “هاجر” مشاركتهما في جلستهما الخمرية. لكنهما اعتذرتا بدعوى أنهما لا يشربان الخمر في شهر شعبان، لكنه أصر على الإمتثال لطلبه من دون شروط أو مبررات. وفي حوالي منتصف الليل، قام صديق السائق باغتصاب “سعيدة” على المقعد الخلفي. ولما قضى وطره منها، أمرها بالمرور بين المقاعد الأمامية للسماح للسائق بأن ياخذ “هاجر” الى الخلف، لكن في هذه الأثناء رن هاتف السائق. وقد كانت هذه اللحظة من الإرتباك كافية ل”سعيدة” لكي تخدع يقظته، ففتحت الباب الأمامي للسيارة بسرعة ثم قفزت إلى الخارج،. ومن هناك، أطلقت ساقيها للريح.
  • لم يتردد السائق في ملاحقتها وإسقاطها أرضا، لكنها تمكنت بدورها من إسقاطه. إلا أنها إستطاعت الوقوف بسرعة والإختفاء وسط الظلام الدامس. أسرع السائق في العودة إلى سيارته حيث أدار محركها وبدأ في البحث عنها. لكن بدون جدوى، لأن اتجاه الوادي الذي سارت فيه “سعيدة” منعه من مواصلة البحث، مما اضطره إلى العودة لركن سيارته في مكانها.
  • ظلت المسكينة تجري بكل ما أوتيت من قوة حتى عبرت الوادي، وشقت طريقها بين قبور مقبرة تيليلة، ثم توجهت نحو أضواء المدينة التي كانت تتراءى لها من بعيد. وبمجرد ما أن تمكنت من الوصول إلى الرصيف، حتى قطعت الطريق على أول سيارة عابرة لمحها بصرها طالبة النجدة. في البداية، اعتقد سائق السيارة أنه يرى مومياء قد خرجت لتو من قبرها أكثر من كونه يرى امرأة بعيون دامعة، وأنف نازف وركبتين مسلوختين وملابس ممزقة وبجسم يرتجف من رأسه حتى أخمص قدميه..، وبصوت مبحوح يتخلله صراخ هستيري بدأت “سعيدة” تروي للسائق تفاصيل مغامرتها المرعبة.
  • لما سمع الرجل قصتها التراجيدية لم يتردد في أخذ هاتفه المحمول حيث ركب رقم 112. وبعد لحظات التحقت به دورية كانت تجوب المنطقة، إذ تم نقل “سعيدة” على متن سيارة الشرطة لكي تدلهم على المكان الذي تم فيه تعنيفها واغتصابها رفقة صديقتها من قبل سائق رونو” كونغو” ورفيقه.
  • وقد مكن وصول التعزيزات الأمنية وإقامة طوق أمني حول المنطقة وتمشيطها جيدا، عناصر الشرطة من توقيف المغتصبين بسرعة.
  • اغتصاب وتعنيف
  • بعد الاستماع إلى المتهمين من قبل عناصر الشرطة القضائية في محضر قانوني واعترافهما بالمنسوب إليهما، تبين أن سائق “الكونغو” المسمى محمد، مهنته مسير بزار، متزوج وأب لأربعة أطفال، سبق له أن ارتكب عملية اغتصاب لما كان شابا قضى بسببها عقوبة حبسية نافذة. وعندما غادر السجن سنة 2001، تزوج بعد ثلاث سنوات، لكنه عاد من جديد ليركب طريق الجريمة، جاعلا من شوارع المدينة الجديدة مسارات مفضلة لاصطياد طرائده.
  • وقد فسر السائق للمحققين أن الدافع وراء ميولاته الإغتصابية، بكونه يعاني من عقدة نفسية نمت وتغولت لديه عندما سرقت إحدى بنات الهوى ماله لما قضيا معا ليلة حمراء. أما شريكه ومهنته نجار، متزوج وأب لطفلين، فقد سبق أن سجن بتهمة الإغتصاب، ولكنه بخلاف صديقه محمد لم يرجع الدافع وراء ميولاته إلى أسباب نفسية حيث قال للمحققين بأنه “كان يغتصب النساء والسلام “. وفي أعقاب ذلك تم توقيف شريكهما الثالث، وهو طالب واسمه فاضل.
  • انتشر خبر توقيف الثلاثي المغتصب كالنار في الهشيم في جميع أنحاء مدينة أكادير، حيث تقدمت ثلاثة عشر ضحية إلى مصالح الشرطة ليصرحن بالرعب الذي عاشوه في قبضة هذه العصابة الإجرامية. إذ كان الجناة ينفذون مشروعهم الإجرامي بنفس الطريقة على جميع ضحاياهم، ولكن كانت لكل ضحية قصتها الفريدة من نوعها والتي تستحق أن تروى… وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن “ليلى”، فتاة عذراء افتضت بكارتها بعنف؛ أما المسماة “نوال”، فمزق محمد فرجها بواسطة إصبعه لما رفضت الإنصياع لتلبية رغباته الشاذة؛ في حين أجبرت “ربيعة” على خلع ملابسها في ليلة باردة والرقص عارية في جنح الظلام ؛ أما “مريم” فقد تم تجريدها هي الأخرى من ملابسها وأجبرت على الإستلقاء عارية مع مغتصبها على الأرض، لكن صديقتها “جميلة” التي رفضت الإمتثال لنفس الأمر تم تكسير ساقها بواسطة أداة حديدية؛ أما “صافية” التي حاولت الهروب فإنها سقطت على حجرة حادة مزقت فمها،..، وغيرها من القصص المثيرة، بحيث أنه كلما قاومت فريستهم كلما أرضى المغتصبون ساديتهم الأكثر دناءة وتلذذوا بتعذيبها.
  • هذا، وقد كشف المغتصبون الثلاثة بأنهم بدأوا في تنفيذ مشروعهم الإجرامي منذ سنة 1994، وذلك بواقع عملية اغتصاب كل 20 إلى 30 يوما. وإذا ما أسقطنا هذا المعدل على عدد السنوات يجب أن يكون عدد ضحاياهم في مدينة أكادير مائة امرأة مسكونات بذكريات مؤلمة، واللاتي يجب أن يرتعدن الآن كلما رأين سيارة رونو “كونغو” بيضاء اللون تجوب طرقات المدينة…
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.