دراسة جديدة تشدد على أهمية الوقاية لتجنب الإصابة بالخرف

معكم 24 – أ ف ب

أكّدت دراسة حديثة الدور المهم الذي تؤديه الوقاية في أمراض الخرف، مثبتة أنّ ملايين الإصابات يمكن تجنبها من خلال العمل على عوامل مؤثرة كالتدخين والتلوث، مع العلم أنّ الوقاية لا فائدة منها في عدد كبير من الحالات.
وتوصلت الدراسة، التي نُشرت نتائجها الأربعاء بمجلة “ذي لانست” إلى أن “الوقاية ضد الخرف لها إمكانات كبيرة”.
ويعاني عشرات الملايين بمختلف أنحاء العالم من الخرف، ومرض “الزهايمر” هو أشهر أنواعه وأكثره انتشارا، ويتسبّب عموما بتدهور دائم في ذاكرة المرضى وقدرتهم على التحدث.
وترمي الدراسة، التي تجمع أحدث المعارف بشأن هذا الموضوع، إلى أن تكون مرجعا، وتأتي عقب تقرير سابق نُشر عام 2020 وأكد أهمية الوقاية.

وأشار الباحثون آنذاك إلى أن 40 بالمائة من حالات الخرف كانت مرتبطة بنحو 12 عامل خطر ذا طبيعة مختلفة جدا، منها انخفاض مستوى التعليم، ومشاكل في السمع، والتدخين، والبدانة، وتلوث الهواء، والاكتئاب، والعزلة، وصدمات الرأس، وارتفاع ضغط الدم.
وفي ضوء أحدث الأبحاث، أُضيف عاملا خطر جديدان، هما فقدان البصر وارتفاع نسبة الكوليسترول.
وأبرز معدو الدراسة “إمكانية تجنّب نحو نصف حالات الخرف من خلال التنبه إلى عوامل الخطر الأربعة عشر”.
ويأتي هذا التركيز على الوقاية في الوقت الذي لا يزال الخرف يفتقر إلى علاج دوائي فعّال، رغم عقود من الأبحاث في هذا الخصوص.
ومنذ العام الفائت تمت الموافقة على علاجين لـ”ألزهايمر” بالولايات المتحدة، هما “ليكانيماب” من مختبرات “بايوجن”، و”دونانيماب” من شركة “إيلاي ليلي”. وهذان العقاران يكافحان تكوين لويحات الأميلويد في الدماغ، التي تعتبر إحدى الآليات الرئيسية للمرض. لكنّ تأثيرهما يبقى متواضعا مقارنة بالآثار الجانبية الخطرة وتكلفتهما العالية. وعلى عكس السلطات الصحية الأميركية، رفض الاتحاد الأوروبي الأسبوع الفائت السماح بطرح عقار “ليكانيماب”، بينما لا تزال الإجراءات المتعلقة بـ”دونانيماب” معلقة.
وفيما يأمل بعض الباحثين أن يمهد عقارا “ليكانيماب” و”دونانيماب” الطريق إلى علاجات فعالة أكثر، يفضل آخرون التركيز على الوقاية بدل العلاجات.
ويشير طبيب الأعصاب مسعود حسين، في حديث إلى “المركز الإعلامي للعلوم” ببريطانيا (SMC) ، إلى أنّ مكافحة عوامل الخطر “قد تكون مربحة أكثر بكثير من ابتكار علاجات موضعية تبين في المرحلة الراهنة أنها مخيبة للآمال”.
وقد تلقى أطباء الأعصاب الذين لا يناقشون كثيرا مسألة الوقاية، الدراسة المنشورة في مجلة “ذي لانست” بإيجابية. ودعا البعض إلى الأخذ بالاعتبار إمكانية العمل على نصف حالات الخرف من خلال اتخاذ تدابير مبكرة.
وتثير بعض النقاط المنهجية الحذر. ففي البداية يقر معدو الدراسة بعدم إمكانية الجزم بأن عوامل الخطر هذه تسبب بشكل مباشر الخرف، ويتساءلون: “أليس الخرف مثلا ما يسبّب الاكتئاب؟”.

كذلك من الصعب فصل عوامل معينة عن أخرى، حتى لو حاول معدون الدراسة دمج هذه الفكرة في حساباتهم. فعلى سبيل المثال ثمة ارتباط بيني يجمع الاكتئاب والعزلة، أو تعاطي التبغ وارتفاع ضغط الدم.
وتشير الدراسة إلى الدمج بين التوصيات الفردية كوضع خوذة رأس على الدراجة، وتلك الجماعية كإتاحة أوسع للتعليم.
ويقول طبيب الأعصاب تشارلز مارشال لوكالة “فرانس برس”: “لدينا أصلا برامج للصحة العامة ترمي إلى الحد من التدخين وارتفاع ضغط الدم، فما المزيد الذي يمكننا تقديمه في هذا الشأن؟”.
ويحذر بعض الباحثين، من دون أن يدحضوا الدراسة المنشورة في “ذي لانست”، من القراءة الخاطئة للنتائج، التي قد تجعل بعض المرضى يشعرون بالذنب، إذ تجعلهم يعتقدون أنهم مسؤولون عن إصابتهم بالخرف.
وتقول طبيبة الأعصاب تارا سباير جونز لوكالة “فرانس برس”: “من الواضح أن حالات خرف كثيرة لا يمكن تجنّبها”، مشيرة إلى أسباب وراثية لأشكال كثيرة من هذا المرض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.