دفاعا عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان وقيمته الدستورية والمؤسساتية

 

بقلم رضا بوكمازي

 

كتب السيد المصطفى المريزق، باعتباره رئيسا للجنة النهوض بثقافة حقوق الإنسان وتعزيز البناء الديمقراطي، داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان مقالا عنونه بـ “للحقيقة والتاريخ” دفاعا عن المذكرة وعن رئيسته في المجلس، وذلك تفاعلا مع كلمة الأستاذ عبد الاله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية خلال المهرجان الوطني المنظم من قبل الحزب حول مدونة الأسرة، لاسيما ما جاء ضمنها بخصوص مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن مراجعة مدونة الأسرة.
وتفاعلا مع ما جاء في هذا المقال أكتب للسيد مصطفى المريزق ومن خلاله لرئيسته السيدة أمينة بوعياش دفاعا عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان وقيمته الدستورية والمؤسساتية التي يراد لها أن تتحول إلى مؤسسة مدنية صغيرة تدافع عن وجهة نظر إيديولوجية، وكذا من أجل إجلاء الحقيقة الكاملة بشأن ما جاء في مقال السيد المريزق من مغالطات بخصوص الطريقة والمنهجية التي صادقت بها الجمعية العمومية على المذكرة، والمرجعية التي اعتمدت عليها المذكرة، وأخيرا ادعاءه أن مذكرة المجلس لا تتضمن ما يناقض النصوص القطعية من الشريعة الإسلامية.
وفي الحقيقة قد لا يكون مهما التفاعل مع محاولات التدليس وقلب الحقائق بشأن الطريقة والمنهجية التي صادقت بها الجمعية العمومية للمجلس الوطني على هذه المذكرة، خاصة وأن الكثير من أعضائها لم يدافعوا عن أنفسهم وقبلوا بذلك، غير أن مكانة المؤسسة تقتضي القول أن السيد المصطف المريزق يكذب على المغاربة بقوله أن المذكرة عرفت نقاشا مستفيضا داخل المجلس وأن أعضاء المجلس كان لهم كامل الحق في التعبير والتغيير والإثراء من خلال تقديم المقترحات البانية، وأنا هنا أطرح أمامه تحديا ومن خلاله رئيسة المجلس بأن يقدموا للمغاربة ولو دليلا واحدا يفيد أن كل أعضاء الجمعية العمومية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان قد توصلوا بمشروع المذكرة ولو بأربعة وعشرون ساعة عن موعد عرضها على أنظار الجمعية العمومية، بل أكثر من ذلك أن يكون قد تم تسليم أعضاء الجمعية العمومية نسخة من مشروع المذكرة أثناء الاجتماع المنعقد بتاريخ 20 دجنبر 2023 (وليس 20 يناير 2024 كما جاء في مقاله)، قصد الاطلاع والتفاعل، وهو ما يفيد أنه لا يعرف حيثيات الموضوع.
وكيف له أن يدافع على أن رئيسة المجلس الوطني مكنت أعضاء الجمعية العمومية من الحق في الاطلاع والنقاش وابداء الرأي، وموعد تقديم مذكرة المجلس للهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة كان على الساعة الثالثة بعد الزوال من نفس اليوم، فهل يملك عاقل أن يقبل هذا الكلام ويستوعب أن مذكرة المجلس الوطني تعبر عن رأي عموم أعضائه وتحترم مقتضيات الوطنية والتعددية والاستقلالية؟
أما من حيث الموضوع، فيحاول السيد المريزق التدليس علينا من خلال اختلاقه لمضامين غير المضامين الواردة بمذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أو بالأحرى إعطاءها معنى جديدا وتفسيرا يرغب من خلاله الدفاع عن تناقض مقتضياتها الأساسية مع الثوابت الدستورية وفي مقدمتها المرجعية الإسلامية.
وقبل الخوض في المضمون، أتساءل مع السيد المصطفى المريزق ومع رئيسته عن الأسباب التي جعلت مؤسسة وطنية من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يفترض فيها أن تُعمل قواعد الشفافية والوضوح، ـ أتساءل معهما ـ عن الأسباب التي جعلت وبعد مضي قرابة ثلاثة أشهر من تقديم المذكرة لم يتم لحدود اللحظة نشر المذكرة ولم تتقاسمها مع عموم المغاربة، على اعتبار أن الأمر يتعلق بمسألة حيوية تهم كل المغاربة، بل أكثر من ذلك لماذا لم تدرج ضمن موقعها الرسمي ولو قصاصة جزئية حول رؤية المجلس لمراجعة مدونة الأسرة خاصة في القضايا الجوهرية؟
أما من حيث المضمون، فينطلق السيد المصطفى المريزق من كون المذكرة تتصدرها المرتكزات المحددة في دستور المملكة، ومقاصد الشريعة الإسلامية، والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وأنها جاءت في إطار المرجعية الإسلامية التي يعتمدها المجلس، وكأني به يتحدث عن مذكرة أخرى غير المذكرة التي تمت المصادقة عليها وتم تقديمها باسم مؤسسة وطنية يفترض فيها أن تتقيد بالمرجعيات التي استند عليها زورا في مقاله.
ورفعا لكل لبس وتبيانا لحقيقة زيف ادعاءات السيد المريزق ومحاولاته التدليسية أعود لبعض أهم المقترحات الواردة في مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان والتي نعتقد أنها تتعارض بشكل صريح مع المرتكزات المحددة لتعديل مدونة الأسرة وفي مقدمتها المرجعية الإسلامية والخطابات الملكية بل حتى الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
أولا- من حيث المرتكزات فعلى خلاف ما جاء في المقال فإن المذكرة حينما تتحدث عن المرتكزات فهي لا تعتمد المرجعية الإسلامية كمرتكز بل تستند إلى مقاصد الشريعة الإسلامية المستندة إلى مبادئ المساواة والعدل والإنصاف، وكأن الأمر يتعلق في المرجعية الإسلامية بمستويات يأخذ منها المجلس الوطني ما يراه هو صالحا له ويطرح ما يعارض هواه، فضلا على اعتباره أن في هذا المستوى يقدر المجلس ما يراه متوافق مع مبادئ المساواة والعدل والانصاف ويطرح ما يراه يتعارض مع ذلك، متناسيا أن المرجعية الإسلامية هي كل لا يتجزأ بنيت على التكامل في الأدوار والالتزامات وبين الحقوق والواجبات، وقائمة على العدل باعتباره قيمة القيم داخل المنظومة الإسلامية هذا الذي يتطلب مستوى فهم عميق ودقيق لاستيعاب مداخل تحققه وتنزيله، ولا يملك المتأثر بالتبعية المطلقة للثقافة الغربية والذي ينظر إلى الإسلام بمنطق الضعف والدونية أن يتحقق له ذلك المستوى العالي من الادراك لمنطق الإسلام في تعامله مع حياة الناس.
وهنا لا بد من الإشارة أيضا إلى أن المذكرة وفي الوقت الذي اكتفت فيه بالإشارة فيما يتعلق بالمرتكزات إلى الدستور وإلى مقاصد الشريعة الإسلامية، فإنها قامت بالتفصيل في 18 نقطة فيما يتعلق بالمرجعية الكونية وسرد الاتفاقيات الدولية الاتفاقية تلوالاتفاقية وبالتفصيل. كما أن المذكرة لم تعتمد الخطابات والتوجيهات الملكية بصفة جلالة الملك أميرا للمؤمنين، ضمن الإطار المرجعي للمذكرة، ولم تأت على الإشارة لهذه الخطابات والتوجيهات إلا مرة واحدة في “الفقرة 8 من الباب الأول المتعلق بالاعتبارات”، والتي وردت كما يلي: “الرســالة الملكية الســامية إلــى الســيد رئيــس الحكومــة المتعلقــة بمراجعــة مدونــة الأســرة بتاريــخ 26 ســبتمبر 2023”.
ثانيا- من حيث التعارض المباشر مع المرجعية الإسلامية والدستور، إذ أن أول من انطلقت منه مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان هي إعطائها تعريف جديد للأسرة يقول كل شيء عن الاسرة إلا كونها قائمة على ترابط شرعي، ويحاول أن يؤسس لنماذج جديدة من الأسر بتبنيه لتعريف الأسرة “بكونها تتكون من أشخاص تجمع بينهم علاقة زوجية، أو القرابة، أو الالتزام” فكيف يمكن اعتبار تبني مفهوم الأشخاص الواسع الذي يحتمل وجود شخصين من نفس الجنس مدخل لتأسيس أسرة، ألا يندرج هذا ضمن الشذوذ الجنسي الذي يراد له أن يقنن وينظم؟ ألا يتعارض مع المرجعية الإسلامية بشكل واضح وصريح؟ هل يمكن اعتبار الالتزام كبديل عن الترابط الشرعي مدخلا لتأسيس الأسر؟ هل هذا التعريف منضبط لنص الفصل 32 من الدستور الذي يؤكد أن ” الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع.”؟ كيف للسيد المريزق الذي حاول أن يدلس من خلال مقاله وعلى خلاف ما جاء في المذكرة بتني تعريف جديد، أن يقنعنا أن المجلس قدم مذكرته في تقيد تام بالمرجعيات الدستورية والخطابات الملكية المؤطرة.
وما يؤكد رغبة مذكرة المجلس الوطني في إلغاء صفة الترابط الشرعي عن الزواج كمدخل لتكوين الأسر، هو ما اقترحته من جعل إبرام العقود من اختصاص ضابط الحالة المدنية، أي إضفاء الصبغة المدنية عن التعاقد عوض الصبغة القائمة على وجود العدلين الموكل إليهما توثيق الزواج (بغض النظر هنا عن مكانة العقد كوثيقة كشرط في صحة الزواج من الناحية الشرعية). فكيف لعاقل أن يستوعب أن ما اقترحته المذكرة منضبط للمرجعية الإسلامية.
إن المقترح الذي اعتمدته مذكرة المجلس بهذا الخصوص يبقى مقترحا غريبا يخالف بشكل صريح المرجعية الإسلامية التي خصت الأسرة بقدسية ومكانة متميزة من خلال ما نص عليه القرآن الكريم، وهو أيضا تعريف غريب يعاكس فطرة الله التي فطر الناس عليها، والتي جعلت الزواج يقع بين الرجل والمرأة فقط، ويصطدم مع المجتمع المغربي ونظرته للزواج الشرعي باعتباره أحد المداخل الأساسية للإحصان والعفاف والرقي بالفرد والمجتمع، وهو ما جعل المجتمع المغربي يتعامل مع لحظات إبرام الزواج بشكل استثنائي لا يكاد يجد له مثيلا في باقي المناسبات.
من جهة أخرى جاء في المقال أن المذكرة تبنت مداخل تعالج إشكالات المجتمع ولا تتضمن أي فكرة أو مقترح يتناقض مع النصوص القطعية الواردة في القرآن الكريم بشأن الإرث، غير أن هذا يندرج ضمن الكذب الصريح الذي تفضحه مضامين المذكرة، أو أن مُوقع المقال لم يطلع على مضامين المذكرة بهذا الخصوص، والتي جاء فيها “تخويـل صاحـب المال سـلطة اختيـار النظـام المطبـق على أموالـه، إمـا الوصيـة أو الميراث” فكيف لعاقل أن يستوعب أن تبني اختيار استبدال نظام الإرث بنظام الوصية بشكل مطلق لا يندرج ضمن المقترحات التي تتعارض بشكل صريح مع النص القرآني والله عز وجل يقول في كتابه الحكيم “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ..”ّ
ألا يندرج هذا ضمن التجرأ على النص القرآني المفضي إلى إزالة نظام متكامل أُقر بمقتضى نص قرآني، قائم على فلسفة خاصة في التعاطي مع الإرث باعتباره مال الله، حدد القرآن الكريم طرق توزيعه بمعايير متميزة مستندة في جوهرها على قيمة العدل؟
كما أن من أغرب الإشكاليات التي أثيرت من طرف المذكرة ومن أعجب التبريرات التي قدمتها لتغيير نظام الإرث كما هو مقرر الآن في مدونة الأسرة هي كون “المقتضيـات المتعلقة بكتـاب الميراث تعـتبر مخالفـة للقانون العـام بالنسـبة لعـدد مـن بلـدان الإقامـة لمغاربـة العالـم، حيـث يتـم استبعـاد تطبيـق مدونـة الأسـرة لكونهـا تـميز بين الجنـسين، وبين الأطفـال بحسـب الوضعيـة العائليـة للأبويـن، وبحسـب الأنصبـة، وبسبـب الديـن.”
وهذا أمر يؤكد طبيعة الخلفية التي حكمت مذكرة ومرجعيتها وولائها وكيفية تعاملها ودفاعها عن السيادة القانونية للمغرب، حيث اقترحت تغيير نظام الإرث في مدونة الأسرة كي يصبح منسجما مع التشريعات الغربية ومع النظام العام في الدول الغربية، وتتجاهل أن مدونة الأسرة ونظام الإرث في الإسلام هو من النظام العام في المغرب والمطلوب من مؤسسة دستورية وطنية أن تحافظ عليه وتدافع عنه، لا أن تطلب تغييره وإخضاع أسس وثوابت النظام العام في المغرب لتكون منسجمة مع النظام العام في الدول الغربية، وكأن المغرب ليس بلدا مستقلا وذو سيادة كاملة.
كما يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان حذف مانع اختلاف الدين في الزواج والذي برره بكونه يقيد “حرية الأطراف في الزواج وتمييز بين الجنسين ويتعارض مع اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة” وأنه أصبح شكليا في الواقع، وأن يطرح مشكل تنازع القوانين في بلدان الإقامة، اليس هذا يعارض صراحة النص القرآني، حيث قال تعالى “وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا” (البقرة: 221) وقوله تعالى “فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّوْنَ لَهنَّ” (الممتحنة: 10)، وأن الزواج بالكتابية مباح بنص القرآن الكريم لقوله تعالى “الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ” (المائدة: 5)، وأما غير أهل الكتاب فإن الزواج بهم غير مباح لكلا الجنسين.
كما اقترح المجلس منع تعدد الزوجات، وهو مقترح عجز المجلس عن تقديم مبرر سليم ومقنع مرتبط بالمرجعية الإسلامية والدستورية للبلاد باستثناء الإحالة على ما دعت إليه اتفاقية سيداو المتعلقة بالتمييز ضد المرأة، وذلك رغم أن النص القرآني صريح في إباحته مع شرط العدل وأن الاجتهاد بتقييده وتضييق اللجوء إليه وجعله بيد القضاء، وهو ما عملت به المدونة الحالية بما جعله لا يتجاوز 0,6% من عدد طلبات الإذن بتوثيق الزواج، وهي نفس النسبة الضعيفة التي كانت مسجلة بما في ذلك قبل دخول المدونة حيز التنفيذ في 2004. وهو مقترح يشكل دعوة صريحة لتحريم ما أحل الله وتدخلا في أحكام شرعية قطعية الدلالة، والخضوع لمرجعية الاتفاقيات الدولية، المتوافقة مع التوجه الغربي الذي ينسجم مع كون النموذج الحضاري الغربي الذي يمنع التعدد لكنه يجيز ويبيح تعدد العلاقات الجنسية خارج الزواج.
….. وقد لا يسمح المقام هنا بالوقوف عند كل النقط التي جاءت في مذكرة المجلس الوطني لحقوق الانسان بشأن مراجعة مدونة الأسرة والتي حاول زورا وبهتانا أن يقول موقع المقال أنها لا تتعارض مع الثوابت الدستورية والمرجعية الإسلامية والخطابات الملكية، بل هوية واختيارات المجتمع كذلك، لاسيما وأننا في حزب العدالة والتنمية سبق وأن تقدمنا بمذكرة تفصيلية في الموضوع تقف عند جميع النقط، وهي المذكرة المنشورة والتي يمكن الرجوع إليها، وما طرح بعض الأمثلة إلا من باب تبيان مكامن التعارض والتناقض.
إلا أن من بين ما يقتضي الاستغراب والاستنكار بل والاستهجان هو الاستعلاء الذي يتكلم به موقع المقال في مواجهة الأستاذة عزيزة البقالي عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في محاولة لممارسة الإرهاب الفكري في حقها لكونها عبرت عن رأيها ورفضت أن تقبل احتقار مؤسسة المجلس الوطني وكشفت زيف ادعاءات الديمقراطية وحرية الاختلاف والتعددية، وفضحت الطريقة غير الديمقراطية التي يتم عبرها اعتماد توصيات وآراء في مؤسسة دستورية من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يفترض فيها أن تكون مهد وموطن احترام الانسان وحقه في ابداء رأيه والدفاع عليه
وجوهر ما يقتضي التفاعل الحقيقي كذلك ودق ناقوس الخطر هو أن يتجرأ أمثال المريزق على حق الأحزاب السياسية في قيامها بأدوارها الدستورية، ورفضه قيام الأخ الأمين العام الأستاذ عبد الإله بن كيران بأدواره الدستورية كأمين عام حزب سياسي في تأطير المجتمع وفي التنبيه للمخاطر التي يمكن أن تحدق به في حال عدم تقيد المؤسسات بواجباتها الدستورية والمؤسساتية وبثوابت ومرجعية الدولة والمجتمع، ويعتبر ذلك ابتزازا للدولة منصبا نفسه متحدثا باسم الدولة ومدافعا عنها وكأنه هو ورئيسته والمجلس الوطني لحقوق الإنسان هم الدولة، ومستعملا في ذلك مصطلحات ولغة تستحضر منطق التحكم الذي نشأ وترعرع فيه كاتب المقال، والذي واجهه ويواجهه الحزب بكل جرأة وشجاعة وهو الموقف الذي تتضح صوابيته مع مرور الأيام والشهور والأعوام.
وختاما فمُوقع المقال ومن على شاكلته لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يؤثر في قيام المناضل الحزبي بأدواره ومهامه الدستورية ولاسيما مناضلي ومناضلات حزب العدالة والتنمية، لكن تفاعلنا اليوم ليس مع مضمون ما يؤمن به السيد المريزق أو السيدة أمينة بوعياش كأشخاص، بل هو تفاعل وقلق مرتبط بمكانة وموقع مؤسسة دستورية هي مؤسسة وطنية تمثل كل المغاربة، ويجب أن تعكس ما يصدر عنها رأيهم وهويتهم وقيمهم وتتقيد بثوابتهم الدستورية وبمرجعية دولتهم.
كما أن دفاعنا اليوم عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو دفاع عن مؤسسة دستورية يفترض فيها الاضطلاع بأدوار ومهام المؤسسات الدستورية الكبرى في مجال حماية حقوق الإنسان بمختلف مناحيها وملفاتها، ولا نرضى لها أن تتحول إلى جمعية صغيرة تعبر عن وجهة نظر ذات حمولة أيديولوجية لفئة من فئات المجتمع، ما يجعلها لا تعكس المكانة السامية التي ارتضاها لها دستور 2011.

 

عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.