عبد المجيد الظلمي.. مايسترو الكرة المغربية
منذ بداية السبعينات وحتى أواخر عقد الثمانينات من قرن 20 القرن العشرين ، تعود المغرب المغاربة على رؤية لاعب ذي شعر كثيف مترامي الأطراف، ببنية تقترب من الهزال ورأس منحني إلى الأرض وهو يقف كالجدار في دفاع فريق الرجاء البيضاوي و المنتخب المغربي لكرة القدم واللمسات الفنية والتمريرات الذكية التي تخلق الفرجة للجمهور من عشاق كرة القدم المغربية والعربية والإفريقية.
كان اللاعب يشبه شيخا على حافة التقاعد، نحيلا قليل الكلام ويسود شخصيته صمت عميق، ملامحه جامدة ونادرا ما يمكن مشاهدته وهو يبتسم. وكان رجلا بعيدا عن الانفعالات، خصوصا عندما قرر يوما ولأسباب يعرفها لوحده، أن يتوقف عن الإدلاء بأية أحاديث أو تصريحات لل صحافة ، فزاد الغموض من حوله وأصبح «الرجل الرمادي» في المنتخب المغربي وفي فريق الرجاء البيضاوي ، كان لمدة تزيد عن العشرين عاما رمزا قويا لفريق الرجاء البيضاوي الذي التحق بشبانه سنة 1971 ، قبل أن يلعب أول مباراة له في البطولة الوطنية لكرة القدم المغربية القسم الوطني الأول رفقة كبار الفريق سنة 1972 ، وكانت ضد فريق حسنية أكادير ، حيث شغل مركز جناح أيمن، إلى جانب كل من المرحوم بيتشو بنيني و حمان وسعيد.
مع المنتخب المغربي
سنة 1971 نودي عليه لتدعيم صفوف المنتخب المغربي الفريق الوطني لما كان يبلغ سن الثامنة عشرة فقط، ليلعب معه مدة تجاوزت 20 سنة، كانت حافلة بالإبداع والتألق وخلق الفرجة الكروية، وظل ثامدا في قلعة أسود الأطلس في وقت كان كثيرون غيره يأتون ويذهبون، بينما هو بقي مثل نخلة لا تهزها ضربات الرياح، رغم أن تواجده ب المنتخب المغربي عرف لحظات شد وجذب كان يغيب خلالها لبعض الوقت ثم يعود، كان أول لقاء له مع المنتخب المغربي منتخب الكبار سنة 1974 ك مدافع أيسر ضد المنتخب السينغالي وتحت إشراف المدرب رومانيا الروماني ماردارسكو وآنذاك تنبأ له رئيس الجامعة الدولية لكرة القدم البرازيل ي جواوهافلانج الذي تتبع هذا اللقاء بمستقبل كبير، فلم يكن الظلمي مدافعا في المنتخب المغربي المنتخب فحسب، بل رجل وسط الميدان بامتياز.
تقنياته ولمساته الكروية الفنية وتمريراته الثابتة والمحكمة جعلت منه واحدا من أفضل لاعبي لاعب وسط ميدان وسط الميدان في تاريخ كرة القدم المغرب بالمغرب وقارة إفريقيا والعالم العربي، بل هناك من يمنحه حق تبوؤ أفضل لاعب وسط ميدان على الإطلاق ومن دون منافس.
فقد كان العصب الحقيقي لخط وسط المنتخب المغربي في فترات إزدهار الكرة المغربية، حيث يجيد الدفاع والهجوم وقطع الكرات من الخصم، واشتهر بتمريراته الدقيقة والحاسمة التي كانت تأتي أكلها، كما عرف بمقدرته على ملء الفراغات في وسط الميدان، لقب بـ المعلم وكان يتحلى ب روح رياضية عالية و أخلاق عالية سواء داخل الملاعب أو خارجها، جعلت جميع اللاعبين والحكام يكنون له الاحترام والتقدير بحيث أنه لم يتعرض لأي ورقة طرد طيلة مشواره الرياضي الطويل، والذي قدر بما يزيد عن عشرين 20 سنة.
جيل عبد المجيد الظلمي
عاصر عبد المجيد الظلمي جيلا من اللاعبين كانوا يعتبرون أسطورة في تاريخ كرة قدم مغربية الكرة المغربية مثل أحمد فرس و عسيلة و حميد الهزاز ، والشريف وغيرهم ممن عاشوا مجد الحصول على كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 1976 إثيوبيا بإثيوبيا .
لكن هذا المجد دام بضع سنوات فقط لتأتي بعد ذلك الانتكاسة عقب الهزيمة المرّة أمام المنتخب الجزائري في المغرب بخمسة أهداف مقابل هدف واحد، هذه الهزيمة جاءت في أوقات جد حساسة مرت بها العلاقات المغرب ية الجزائر ية، التي كادت تصل إلى شفا الحرب بسبب قضية الصحراء المغربية، لذلك كان المغاربة ينتظرون أن يثأر اللاعبون من «التدخل الجزائري» في قضية الصحراء ، لكن الذي حدث هو أن الجزائر يين، هم الذين انتصروا ليبكي المغاربة بمرارة.
بعد هذه الهزيمة التاريخية غادر أغلب لاعبي المنتخب المغربي المنتخب للإنزواء في منازلهم، بعد أن تعرضوا لتقريع شديد من الحسن الثاني ، الذي كان بدوره ينتظر من هذه المباراة الشيء الكثير.
الرمزية
عايش الظلمي أجيالا مختلفة من لاعبي المنتخب المغربي المنتخب ، وربما ذلك جعله الحكيم الصامت الذي يتكلم داخل الميدان أكثر مما يتكلم خارجه.
ولم يكن عبد المجيد الظلمي لاعبا المنتخب المغربي للمنتخب فقط، بل أيضا ظل وما زال رمزا من الرموز الكبيرة في تاريخ فريق الرجاء البيضاوي ، واللعب النظيف ووالروح والأخلاق الرياضية العالية، فضلا عن شخصيته الغريبة الأطوار التي كان يطبعها صمت عميق، وابتعاد تام عن الأضواء ووسائل الإعلام خارج المستطيل الأخضر مما زاد من غموضه أكثر.
ولكن شعبيته لدى جماهير الرجاء البيضاوي آنذاك تعرضت نسبيا للاهتزاز عندما قرر الأخير الإنتقال أواسط الثمانينات إلى فريق جمعية الحليب ، الذي تحول اسمه فيما بعد إلى الأولمبيك البيضاوي ، مقابل امتيازات كانت تبدو آنذاك مغرية من بينها ثلاثة آلاف درهم مغرب ي كل شهر مدى الحياة.
وعلى الرغم من أن ذلك الانتقال المفاجئ لم يغير من «رجاويته» وتعلقه بالفريق البيضاوي شيئا، إلا أن مناصري الرجاء البيضاوي الرجاء آنذاك وعاطفتهم المفرطة لم يهضموا ذلك بسهولة، وربما عانى الظلمي بعد ذلك من صفير يأتي من هنا وهناك، وهو عتاب المحبين الذين لم يقبلوا أبدا بتغيير لون القميص الذي ترعرع على ألوانه عبد المجيد الظلمي.
لكن ما حدث بعد ذلك أن الأولمبيك البيضاوي اندمج في فريق الرجاء البيضاوي الرجاء وكأن خلايا جسم هذا اللاعب دفعت بالفريق كله بالعودة إلى الأصل، فنام الأنصار بعد ذلك ملء جفونه.
إعتزاله
Raja-1989 تصغير يسار صورة تعود لسنة 1989، عبد المجيد الظلمي رفقة نادي الرجاء البيضاوي، في مركب محمد الحامس، في الصف المنتصب، اللاعب الثاني يمين الصورة
اعتزل اللعب مع المنتخب الوطني المغربي سنة 1988 لكنه واصل العطاء مع فريقي الرجاء البيضاوي الرجاء و جمعية الحليب حيث اِعتزل نهائياً سنة 1991 .
وبعد سنة من اعتزاله نهائيا حصل على جائزة اللعب النظيف من طرف منظمة اليونسكو اعترافا بأخلاقه الرياضية العالية ليكون أول لاعب في العالم يحظى بهذا الشرف، وانتظر سنين طويلة قبل أن يتم تكريمه في بلده الأم في لحظات مؤثرة عاشها رفقته رفاق دربه في عالم الكرة.
كتاب السيرة الذاتية
تعززت رفوف الخزانة الرياضية والتاريخية لمدينة وأعلام الدار البيضاء والثقافة البيضاوية والمغربية ككل بمؤلف جديد، بعدما تم التوقيع على كتاب سيرة تحت عنوان «عبد المجيد ظلمي.. المايسترو» للصحافي كريم إدبيهي، بحظور اللاعب عبد المجيد الظلمي ووزير الشباب والرياضة محمد أوزين، وممثل مؤسسة الكتبية التي تكلفت بنشر السيرة الذاتية لعبد المجيد الظلمي، وكذا حظور عضو اللجنة الأولمبية الدولية نوال المتوكل، ونجم الكرة الوطنية أحمد فرس، ورئيس فريق الوداد البيضاوي عبد الإله أكرم، والرئيس السابق للرجاء البيضاوي عبد الواحد معاش، والإطار الوطني محمد فاخر، والوزير السابق منصف بلخياط.
كما عرف حضور قدماء لاعبي مختلف الأندية الوطنية ممن لعبوا بجوار ظلمي في الفريق الوطني، إلى جانب المدرب السابق للمنتخب الوطني المهدي فاريا، وممثلي مجموعة من الأندية كالفتح الرباطي، الدفاع الحسني الجديدي، حسنية أكادير، والعديد من الشخصيات المقربة من ظلمي سواء داخل المستطيل الأخضر أو خارجه ومن مختلف الأجيال.
المصدر: شبكة بحوث