فين ايامك آطامو…”

بقلم: حسناء زوان

هل كان حقا جيلا ذهبيا، ذلك الذي كانت معالم عفويته تختصر في الجملة الشهيرة “طاموا كاتعرف ربي وربي كايعرف طامو”؟
مفاد هذه الحكاية أن امرأة تدعى طامو، كانت تحب الله سبحانه، لكنها تجهل طريقة عبادته.
كانت تغتسل بالنهر ثم تنخرط في ابتهال تطبعه جمل بليغة في صلاة بسيطة، تعكس روحا نسائية مغربية وسمتها في زمن ما، روح التلقائية العميقة، روح تتبدى معالمها من خلال النكتة التي تقول، إن امرأة التحقت بقسم محو الأمية، فكانت إذا نطقت المعلمة جملة ودخل “أحمد”، تضع منديلها على رأسها، وإذا قالت المعلمة خرج أحمد تزيل المنديل، وحين سألها زوجها بعد عودتها “آش قريتو” أجابته بعفوية، “أو علاه هذاك أحمد، خلانا نقراو؟ خارج داخل على العيالات؟
فجأة انتفضت طامو على زمن عاشته، كانت في أحوال كثيرة مجرد دابة كما صاغ ماهيتها المخيال الشعبي، المراة والحمارة “ماكايضايفوش” والمثل الآخر “البنت إما راجلها إما قبرها”.
أدركت طامو ما حسبته ربيعا، افتتحت انتفاضتها الأولى بقصة الشعر، صرخت بممتلكاتها الأنثوية، لبست التنورة المبرزة لتضاريسها وتمايل جسدها فوق كعب عال.
واصلت طامو صرخاتها الأنثوية، بعد أن سكنها سعار آخر، تمدد إلى لباس سراويل الجينز بثقوب وبصيغة أخرى أدركها “التشرميل” وأصبحت ضحية ل”شناقة” الموضة والأزياء.
تذكرت طامو وحكاية طامو بعد أن أزعجت أذنيّ عبارات “قلة الحياء” التي صدرت عن فتاة في القطار المتجه من
البيضاء إلى الرباط، حيث احتجت على ركاب طالبوها بوضع هاتفها في وضعية صامتة بعد أن أزعجتهم بأغنية للستاتي “عندي الفيزا والباسبور” عند الثامنة صباحا.
احتجت الفتاة بقوة ودعت من لم يستسغ، اختيارها الموسيقي أن يستبدل القطار بالسيارة.
نعم ذلك ما رددته الفتاة وهي تحرك حجابها المنسدل على كتفيها يمينا وشمالا.
لم تدرك أو ربما ستدرك في القادم من أيامها حكاية طامو التي “اداتها الموجة” وهي في سنها، لكن ما أن باغتها العمر في لحظات خيبات روحانية ومس اللوم نفسها في أقاصي الانعزالية حتى أدركت ما فعله “الزمان بها” بعدما غزا الشيب شعرها ولم يعد لها من رصيد أنثوي غير قلب عامر ببراءة الأمس المجلل بـ”هيبة الأب” الذي ما أن وافته المنية، حتى “شابت” وأمومة تعويضية لا تدرك قيمتها “بنات اليوم”، الراغبات في الزواج، المقبلات على الطلاق، الأميات منهن وحتى الواعيات، اللواتي يعشن على بيانات حقوقية نسوانية، لم تكن تعرفها “طاموا لكنها أدركت أن “يامها مشات” حين لم تعد تنزعج من دخول وخروج “احمد” في كل مرة إلى القسم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.