حميدوش: خسرت الانتخابات بسبب تصريحاتي التلفزية وتصويت الناس لي بالقلب فقط

يحكي اللاعب الدولي السابق والمدرب الوطني حاليا حمادي حميدوش تجربته في الانتخابات بمرارة كبيرة، لكنه يعود ليقول باعتزاز بأنه خرج منها بأقل الخسائر. وحتى وهو يؤكد وجود عرض سابق من أجل الترشح وسط أجواء تضمن له الفوز، فإنه يستدرك قائلا إنه ليس بهذا الكم من السذاجة الذي قد يرمي به مجددا في حضن الانتخابات التي خسرها سنة 1992 بدائرة تيداس. مجلة “الشرطة” التقت حميدوش وأعادت معه شريط تجربة انتخابية لعب فيها المنطق القبلي لعبته، ووقف خلالها على أناس صوتوا له بالقلب فقط.

 

ما هي الظروف التي جاءت فيها مشاركتك السابقة في الانتخابات؟

شاركت في الانتخابات المحلية لسنة 1992 في دائرة تيداس نواحي مدينة الخميسات (70 كلم شرق العاصمة الرباط) في أفق الترشح للانتخابات التشريعية، وجاء القرار بإلحاح من القبيلة التي أنتمي إليها بدعوى أني سأقدم الكثير للمنطقة، ورغم أني أكدت لسكان المنطقة أنه لو قررت الترشح فإني سأفعل ذلك بمكناس التي قضيت فيها أزهى فترات مسيرتي الكروية رفقة النادي المكناسي والمنتخب الوطني، فإن الأهالي ألحوا علي، فلم أجد أمامي سوى القبول، إذ ترشحت باسم حزب التجمع الوطني للأحرار.

لماذا حزب التجمع الوطني للأحرار بالتحديد؟

ليس في الأمر اختيارا إيديولوجيا أو سياسيا أو اقتناعا ببرنامج معين، بل فقط سيرا على خطى أحد أقربائي وهو حدو الشيكر وزير الداخلية الاسبق الذي كان أحد مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار.

طيب، كيف سارت الأمور في أول مغامرة انتخابية لك؟

من الصعب وصف الأجواء التي وجدت نفسي فيها، فقد وقفت أمام حقائق غريبة ومفاجئة في نفس الوقت، فبالإضافة إلى التغلغل الكبير لحزب الحركة الشعبية وتجذره في وسط القبائل بحكم استراتيجيته الكلاسيكية المبنية على الحضور المكثف في العالمين القروي والأمازيغي، فقد واجهت تعنتا كبيرا من الساكنة لأسباب قبلية، فقد واجهني البعض بالاعتزاز الذي أكنه لمدينة مكناس، بل إن البعض استحضر بعض تصريحاتي التلفزيونية السابقة التي أبديت فيها اعتزازي بمدنية مكناس. وبالتالي كانت الهزيمة في أول تجربة لي خارج المجال الرياضي.

لكن بعض المقربين منك بدائرة تيداس أكدوا أنك كنت الأحق، كيف يمكن ربط هذا المعطى بالنتيجة المسجلة؟

يجب أن نتفق على شيء أساسي، وهو أنه خلال الانتخابات، يقف المرشح على أناس بعدة وجوه أو “جاكيتات”، وللأسف كنت ضحية هذا الأمر، فالعديد أبدى عزمه التصويت علي انطلاقا من كوني ابن المنطقة وواحد من الذين ذاع صيتهم على الصعيد الوطني، قبل أن أفاجأ بالعكس خلال فرز الاصوات.

هل تفكر في الترشح مجددا؟

(ضاحكا) لست ساذجا إلى هذه الدرجة كي أكرر التجربة، فأنا أحمد الله أني خرجت سالما منها، بل إني نادم على دخولها أصلا، ولن أكون مبالغا إذا قلت إني أفضل تقديم المنافع لمنطقتي من خارج المجلس البلدي، ففي حالة فوزي في الانتخابات سأكون ملزما بتلبية رغبات الجميع سواء في التشغيل أو السكن مثلا، وهو الأمر الذي قد لا أستطيع الوفاء به، ما سيمس بصورتي وسط الساكنة، في حين أني قدمت خدمات كبيرة بدون أن أكون منتخبا، فقد ساهمت في إمداد دائرة تيداس بسيارة الإسعاف ومد بعض الدواوير بالكهرباء وإدماج فريق المنقطة في عصبة الغرب لكرة القدم، بالإضافة إلى حل بعض المشاكل المرتبطة باجتياز بعض التلاميذ والطلاب لامتحانات ولوج بعض المعاهد ومناصب الشغل وتنقيلات بعض الموظفين، وهذا الأمر أسعدني كثيرا لأني أقوم بأشياء جميلة لمنطقتي بعيدا عن أي ضغط يذكر.

ألم يفاتحك أحد في موضوع الترشح؟

بالطبع، سواء في الانتخابات الحالية أو التي سبقتها قبل خمس سنوات، ورغم أن حظوظ الفوز كبيرة  جدا هذه المرة فإني قررت عدم تكرار التجربة لأن ذلك يتطلب تضحيات كبيرة جدا وضرورة إرضاء الجميع بدون استثناء، وهو ما لا أقدر على الوفاء به. وحاليا أنا سعيد بإرضاء البعض في حدود قدراتي خصوصا في الجوانب الاجتماعية.

هل كان من المفترض حضور الهم الرياضي لديك في حالة لو نجحت في الانتخابات؟

بالطبع، فأنا رياضي وأتنفس عبق الرياضة ولا يمكن أن تغيب عني في أي مجال أدخله، وبالتالي كنت سأستحضر الجانب الرياضي بقوة في برنامجي السياسي على اعتبار أهميته وانعكاساته الإيجابية على المحيطين الاقتصادي والاجتماعي. وللأسف فالأحزاب الحالية تضع الرياضة في ذيل اهتماماتها، بل هناك من الأحزاب من لم يعط للرياضة ولو فقرة يتيمة في برنامجه المجتمعي. وشخصيا لا ألوم المرشحين بقدر ما ألوم الحزب الذي من المفترض أن يتوفر على مستشار رياضي..

هل فاتحك بعض الرياضيين في رغبتهم للترشح وماذا كان ردك؟

بالطبع، وردي كان هو التحذير من مغبة دخول التجربة لسبب وجيه، وهو أنه للرياضي مكانة محترمة وسط الناس، وخسارته قد تمس هيبته خصوصا أنه يدرك جيدا، من خلال الممارسة الرياضية، الوقع الكبير للهزيمة أو الخسارة. والأكيد أن الخسارة التي مني بها كل من بادو الزاكي وسعيد عويطة توضح المقصود (الزاكي ترشح بسلا وعويطة بالدار البيضاء)، فهل في نظرك يوجد من هو أكثر شعبية من هذين الرياضيين الكبيرين في الدوائر التي ترشحوا فيها؟ إن الأفضل بالنسبة لي هو ضرورة ابتعاد الرياضيين عن كل ما قد يخذش مسارهم الحافل خصوصا أن الناس يصوتون عليهم بالقلب فقط.

هل لمست خلال تقديمك في السابق لمشروع بناء مركز رياضي للناشئين بمكناس أي تعاون من طرف المنتخبين؟

بتاتا، فرئيس المجلس البلدي لمكناس يدرك جيدا نوعية المشروع، كما أني تعبت من بعث الرسائل والفاكسات إلى المنتخبين بدون أن تحرك فيهم أي شيء، فلا أحد يفكر في الرياضة رغم أني لم أطلب سوى قطعة أرض سأقوم بتجهيزها كاملة ليتدرب ويتكون عليها صغار المدينة، وبالتأكيد فالمنتخبون رأوا أنه من الأفضل استغلال قطعة الأرض في بناء عمارات عوض بناء جيل رياضي بالمدينة.

(م.ش)- (يناير 2012)

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.