الناطق الرسمي باسم القصر الملكي وسط غليان المندوبية السامية للمقاومة
- جمال نيهرو
نشر موقع “الغد24” للصحفي أحمد نشاطي، مساء يوم الجمعة 15 أبريل الجاري، بأن الدكتور عبد الحق المريني، الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، حل بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بعد ظهر يوم الأربعاء 13 أبريل 2022.
وقد تم ربط هذا الحضور برئاسة المسؤول المقرب جدا من الملك محمد السادس للجنة إجراء مقابلات مع المرشحين لشغل منصب مدير الأنظمة والدراسات التاريخية بالإدارة المعنية، الذي فتح رئيس الحكومة السيد عزيز اخنوش باب الترشيح له، بموجب قراره رقم 2022/16 باقتراح من المندوب السامي للمقاومة الاتحادي مصطفى الكثيرين الذي يوجد حزبه الآن في المعارضة.
وقد سجل الملاحظون مفارقة حضور الناطق الرسمي باسم القصر الملكي في لجنة قد تكون موضوع خلافات تنذر بتطورات ومنازعات أمام رئيس الحكومة والقضاء الإداري. فالمنصب كان قد أحدث في بداية تسعينيات القرن الماضي، في سياق آخر مرتبط بدخول المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تجربة جديدة في عهد المندوب السامي السابق محمد بنجلون تتجلى في العناية بالذاكرة الوطنية. لكن الظرف تغير الآن وصارت هناك مؤسسات تسيرها اختصاصيون من شأنها العناية بالتاريخ الوطني كالمعهد الملكي لتاريخ المغرب ومؤسسة أرشيف المغرب ومديرية الوثائق الملكية ومعهد الدراسات الإفريقية والمكتبة الوطنية ووزارة الثقافة، زيادة على شعب التاريخ بالكليات والمعاهد الجامعية. وقد أظهرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير محدودية في التعاطي مع هذا الملف لعدم توفرها على أساتذة باحثين من أهل الاختصاص، و اكتفائها باطر إدارية توفق بين المهام الإدارية العادية و المهام البحثية التي ليست من اختصاص الموظفين.
ويظهر من خلال هذا التشخيص أن أمر استمرار المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير صار عبئا ثقيلا لا جدوى منه بسبب انتهاء مهام المجلس الوطني المؤقت لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الذي رحلت الأغلبية الساحقة من أعضائه ولم يبق في عداد الأحياء منهم إلا أقل من عشرة أفراد كلهم في ارذل العمر وفي وضعيات صحية صعبة. ويتضح هذا الخلل من خلال سوء تسيير المؤسسة المعنية حاليا، حيث لم يعد لها من دور غير تدبير رحلات المندوب السامي مصطفى الكثيري التي لا تنته نحو مختلف أقاليم المملكة ونحو الخارج أيضا وما يكلف ذلك ميزانية الدولة من أموال في مهام مبهمة لا هدف منها في الواقع غير صرف الميزانية وتكديس التعويضات الدسمة عن التنقل والأكل في بيوت المقاومين وأقاربهم والخواص، حتى صار مصطفى الكثيري مضرب المثل في التسكع في بيوت الغير بشكل طفيلي لهفة إلى الأكل.
لكن المندوب السامي يحرص على المطالبة بالاستمرار في مهامه، ولذلك يحرص على شغل منصب مدير مركزي وتحديد شروط التعيين فيه وفق معايير لا يمكن أن يلبيها إلا أحد النواب الإقليميين للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير(ح.م). وقد سبق فتح أجل الترشيح لشغل هذا المنصب لثلاث مرات متتالية خلال عهد حكومة سعد الدين العثماني، لكن اقتراح المرشح المركزى من طرف المندوب السامي قوبل بالرفض دائما ولم يتم تعيينه رغم ان المندوب السامي مصطفى الكثيري صرح في اجتماع نواب المندوبية السامية بالاقاليم لسنتة 2019 واجتماع مماثل لنفس الأطر بأن(ح.م) سيعين في مجلس قريب للحكومة مديرا للأنظمة و الدراسات التاريخية وانه تدخل شخصيا لدى رئيس الحكومة السابق الدكتور سعد الدين العثماني، وان هذا الأخير افق ووعده خيرا. وقد هنأ الكثيري محميه (ح.م) مسبقا بحضور نظرائه وزملائه قبل ان يخيب ظن هذا المرشح. ولذلك استغل المندوب السامي تعيين الحكومة الجديدة فتقدم باقتراح جديد لتعيين نفس الشخص في المنصب رغم انه بلغ السن القانونية للتقاعد في شهر يونيو الماضي، وأنه حظي بالتمديد فقط لمدة سنتين قضى منهما لحد الآن أحد عشر شهرا ولم يبق له في الخدمة غير سنة واحدة فقط.
واستغرب الملاحظون أن يحشر المندوب السامي للناطق الرسمي باسم القصر الملكي في مهمة قد تنتهي بنزاع، خاصة وأن المسؤول يصرح باسم الملك وباسم مجلس الوزراء، وأن تصريحاته أو قراراته أو أحكامه أو تقييماته ترتبط بمهمته الرسمية، وبالتالي فهي تجعل القصر الملكي، كمؤسسة تحظى بالوقار، معنيا بذلك.
وربط البعض اختيار مصطفى الكثيري لعبد الحق المريني كي يكون رئيسا للجنة، التي ضمت أيضا عميد كلية الآداب بفاس سايس، سمير بوزويتة، الصديق الحميم للموظف المرشح للتعيين في المنصب، توظيف رمزية القصر الملكي في الضغط على الحكومة لتعيين مرشح المندوب السامي لشغل المنصب، وتفادي رفض الاقتراح كما حصل مع المقترحات السابقة لنفس المنصب، و ذلك لأن الحكومة وخاصة رئيسها عزيز أخنوش سيقيمان اعتبارا للاقتراح الذي تقدم بناء على رأي الناطق الرسمي باسم القصر الملكي. ويظهر من خلال هذه المناورة محاولة استغلال النفوذ لتمرير قرار مبني على خلاصات يطعن فيها المتضررون منه.
ويزيد من الاستغراب أن نفس المسؤول في الدولة، الذي ترأس لجنة انتقاء المرشح المقترح للتعيين، هو الذي قدم خلاصات المجلس الوزاري المنعقد برئاسة الملك محمد السادس في 28 يونيو 2021، والذي تقدم خلاله الوزير محمد بنشعبون بمقترح قانون إطار لتصفية بعض المؤسسات والإدارات العمومية بغاية إدماجها وحل بعضها، وهو المقترح الذي وافق عليه المجلس برئاسة الملك.
ويتساءل الجميع إذا ما كانت الحكومة والدولة عموما قد تخليا عن مقترح إدماج مؤسسات وإدارات عمومية رغم موافقة الملك على ذلك لأنه هو من أمر بذلك في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2020 وافتتاح السنة التشريعية 2020/2021.
ويحصل هذا المشكل في زمن غليان تعرفه المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بسبب المواجهة مع الجهاز النقابي المدعوم من طرف الميلودي المخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، وكذلك في سياق كشف ملفات فساد تفجرت ثم جاء تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018 ليزكي التهم بخصوصها، ومنها ملف على الأقل يتعلق بنسبة اختلاس مبالغ مالية مهمة بملايين الدراهم باسم الرعاية الملكية السامية لنشاط نظمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمراكش في مارس 2015، وهو الملف الذي يوجد لدى النيابة العامة والفرقة الوطنية للشرطة القضائية.