شريط الأخبار

قطاع المقاومة.. مخاريق يتوعد الكثيري وأخنوش قد يدخل على الخط واحتمال انفجار ملف فساد المندوبية

  • متابعة: جمال نيهرو

شنت المركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل هجوما على المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكثيري، بسبب استهدافه للحريات النقابية بالإدارة واضطهاده للموظفين الذين انخرطوا في العمل النقابي في إطار المركزية التي يوجد على رأسها الزعيم النقابي الميلودي المخاريق.

وقد جاء في بلاغ صدر على هامش اجتماع الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل مع المكتب الوطني للنقابة الوطنية لموظفي المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يوم 19 مارس الجاري بان الأمين العام للمركزية النقابية الأقدم في المغرب يعبر عن تضامنه المطلق مع موظفي المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وفي مقدمتهم أعضاء المكتب الوطني لنقابتهم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل. وجاء في البلاغ المؤرخ بيوم 19 مارس 2022 بان خلف الزعيم النقابي التاريخي المحجوب بن الصديق يبدي “تضامنه مع موظفي المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتنديده بالهجوم الممنهج على الحقوق والحريات النقابية داخل القطاع” وعبر  عن رفضه “أي محاصرة للعمل النقابي أو المس بالحريات النقابية، أو الانتقام من الموظفين، و خاصة الممارسين لحقهم النقابي الذي يكفله الدستور و القوانين و المواثيق الجاري بها العمل”، كما اعتبر بأن أي مساس بالمسؤولين النقابيين هو مساس بالاتحاد المغربي للشغل و ستكون له بالتالي عواقب وخيمة على السلم الاجتماعي بقطاع المقاومة و جيش التحرير. كما ندد بالقرارات التعسفية التي تمس الموظفين والموظفات بغير حق.

ويعتبر هذا البلاغ الناري الذي يرسم الخطوط الحمراء لمصطفى الكثيري الأول من نوعه في تاريخ العلاقة بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والمركزيات النقابية التي حظيت بتمثيلية لدى موظفي هذه الإدارة.

وقد يفتح البلاغ النار على الكثيري شخصيا وأيضا على من يدورون في فلكه، وذلك بإثارة الملف الذي يوجد لدى النيابة العامة والفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ صيف 2016، ويتعلق بتهمة تحريف ملايين الدراهم عن أهدافها باسم الرعاية الملكية السامية لنشاط نظمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. فقد أشارت أصابع الاتهام إلى المندوب السامي، الاتحادي مصطفى الكثيري، والمدير السابق للأنظمة والدراسات التاريخية بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يسين حمزة، الذي عين في 2017 مديرا لوكالة التنمية الاجتماعية من طرف رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، وعزل منها في صيف 2020، من طرف نفس المسؤول الحكومي، بسبب ضجة انفجرت إثر صدامه مع نقابة المستخدمين بالوكالة تابعة للاتحاد المغربي للشغل. وكذلك إلى الرئيس السابق لقسم الشؤون الإدارية بنفس المؤسسة لحسن حيمدي الذي أحيل على التقاعد يوم 10 فبراير 2019.

وحسب الملف فإن النشاط لم يكلف الإدارة إلا مليون درهم وبعض عشرات الآلاف من الدراهم، لكن الإدارة قدمت فاتورة مضخمة، وحصلت من الخزينة العامة على مبلغ ثمانية ملايين درهم، وبالتالي فإنها حرفت ما يزيد عن ستة ملايين درهم (ستمائة مليون سنتيم) عن أهدافها مستغلة اسم الملك محمد السادس والرعاية الملكية السامية في ذلك. وقد وقف المجلس الأعلى للحسابات في تقريره المرفوع من طرف رئيسه السابق، الأستاذ إدريس جطو، إلى الملك محمد السادس في صيف 2019، على هذه الفضيحة التي يوجد ملفها لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ صيف 2016، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وأكد التهمة الموجهة إلى الإدارة بخصوصها. ويتساءل المتتبعون عن سبب تأخر البت في الملف قضائيا وتأخر مساءلة المسؤولين عن هذه الفضيحة، التي لم تمس المال العام وحده بل مست أيضا إسم الملك الذي أضفى رعايته السامية على النشاط الممول من الصفقة رقم 3/2015.

كما أن نفس تقرير المجلس الأعلى للحسابات وقف على جملة من الخروقات بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، منها غياب اخلاق المهنة بالإدارة المعنية وعدم توفرها على ميثاق للأخلاقيات، رغم أن دستور المملكة الجاري به العمل الآن يفرض على الإدارات والمؤسسات العمومية وضع ميثاق للأخلاقيات. كما سجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات عدم احترام القانون في إسناد صفقات وكذلك سجل المجلس الأعلى للحسابات عمليات فساد لحقت ملف التغطية الصحية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وكذلك الصفقتين اللتين أجريتا بشأن هذا الملف.

و لا تتوقف المآخذ على مصطفى الكثيري و زبانيته في هذا الملفات وحدها، بل هناك ملف رصد الوثائق المتعلقة بالمغرب في الأرشيف الفرنسي و استنساخها، و ملف مرأب سيارات المأمورية الموضوعة رهن ّإشارة موظفين يتقاضون تعويضات عن استعمال سياراتهم الخاصة شهريا من الخزينة العامة و بعضهم من ميزانية الإدارة، و التستر على موظفين يستعملون سيارات المأمورية في الشأن الأسري و العائلي، رغم أن القانون يقتضي وضع الموظف المخالف أمام المساءلة الإدارية و أحيانا القضائية إن اقتضى الحال (مندوب الإدارة بكلميم مثلا)، و كذلك وضع بعض سيارات المأمورية رهن إشارة الأبناء و الأقارب رغم ان لا علاقة لهم بالإدارة. و يضاف إلى المآخذ ما هو مسجل في ملف التنقل الذي يكلف ميزانية الإدارة الملايين شهريا.

وقد استنكر أغلب الموظفين عشوائية الحركية الإدارية، والتعسف في حق البعض ومحاباة البعض لاعتبارات زبونية، وأثاروا خبايا تدبير ملف الموارد البشرية الذي استعفي بخصوصه الرئيس السابق لمصلحة الموظفين بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من مهامه، وأعيد إلى سلكه الأصلي بوزارة التربية الوطنية في نونبر الماضي.

ومن الأمور الدالة على عدم شفافية اسناد مناصب المسؤولية بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. وقد جاء قرار رئيس الحكومة رقم 2022/16 بتاريخ 25 فبراير 2022 الذي يفتح باب الترشيح لشغل منصب مدير الأنظمة والدراسات التاريخية بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ليفتح النقاش حول مديرية عادت إلى الوجود بعد أن أعلن الوزير الأول الأسبق إدريس جطو عن إيقاف العمل بها في سنة 2003.

فقد أحدثت هذه المديرية في سنة 1993، وتم شغلها لأول مرة بين خريف 1994 ومنتصف 1996 من طرف مسؤول أحيل على التقاعد. لكن المديرية التي لا جدوى منها عادت إلى الوجود، وشغلها بقدرة قادر الرئيس السابق لديوان المندوب السامي، وهو أحد المسؤولين الثلاثة عن الصفقة رقم 3/2015 السابق ذكرها، والضالعين فيها بفنية، وهي التي تم فيها استغلل إسم الملك محمد السادس باسم الرعاية الملكية السامية ويوجد ملفها لدى الفرقة الوطنية منذ 2016. فقد تم تعيينه بشكل غربيب في منصب مدير في منتصف صيف 2010، واستمر في المنصب إلى أن عين من طرف حكومة سعد الدين العثماني في يونيو 2017 مديرا لوكالة التنمية الاجتماعية باقتراح من الوزيرة الإسلامية بسيمة حقاوي. وبعد ضجة إثر مواجهته مع نقابة مستخدمي وكالة التنمية الاجتماعية المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل أعفاه سعد الدين العثماني من منصبه في صيف 2020.

ويتساءل الموظفون والعارفون بخبايا المندوبية السامية لقدماء المقومين وأعضاء جيش التحرير عن سبب فتح الترشيح من جديد لشغل منصب مدير بإدارة لم يعد لها من شغل بعد أن استنفدت مهامها، وانتهت صلاحيات المجلس الوطني لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الذي رحل 170 عضوا من أعضائه ولم يبق منهم إلا 10 على قيد الحياة. فالحكومة وهي في ظروف الأزمة وتعمل على تقليص عدد مناصب الشغل بالإدارات تصرفت بسخاء مع إدارة الأجدر بها أن يتم رسميا إنهاء مهامها ومساءلة الضالعين في الاختلالات التي بسطها المجلس الأعلى للحسابات في تقريره لسنة 2018، الصادر في صيف 2019. فالمديرية المذكورة لم يعد لها من داع وليست لها جدوى، ومع ذلك يصرون على فتح باب الترشيح لشغلها من جديد بعد شغورها لمدة خمس سنوات.

اما عن جولات المسؤول الأول بالإدارة رفقة زبانيته وتردده المفرط على بيوت المقاومين وغيرهم للأكل واستخلاص التعويضات عن التنقل فتلك طامة كبرى. فالمسؤول مولع بالأكل وبالجلسات الولائمية في بيوت الغير وعلى حساب الغير حتى صار مضرب المثل في هذه العادة الطفيلية السيئة، وصار المقاومون في الدار البيضاء وغيرها من المدن يطلقون عليه لقب “القص”(أي الأكل)، حيث تنتهي المآدب بمناولة الضيف السامي حق المدام (نصيب الزوجة) بطلب منه.

وأصبح الامر يطرح علامة استفهام حول بقاء الدولة على إدارة انتهى دورها ومسؤول عمر فيها ما يزيد عن واحد وعشرين سنة، وهو عجوز في ارذل العمر، وعدم تقدم البحث في التحقيق الذي تجريه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بإشراف النيابة العامة المختصة، رغم وجود تقرير للمجلس الأعلى للحسابات يؤكد التهم المتعلقة بذلك.

وينتظر أن تحبل الأيام القادم بتطورات على صعيد القطاع، قد تؤدي إلى كشف المستور بإدارة ليس لها من الإدارة إلا الاسم، يغيب فيها القانون وتغيب الأمانة كما تغيب المصلحة العامة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.