تونس.. المعارضة تعتبر اعلان قيس انحرافا جديدا للسلطة في بلاد تستعد للاحتفال بالذكرى 11 للثورة

اعتبرت المعارضة في تونس الثلاثاء اعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد خارطة سياسية جديدة في البلاد تتضمن اجراء استفتاء وانتخابات نيابية وضبط تواريخ محددة، انحرافا جديدا للسلطة في البلاد التي تستعد للاحتفال بالذكرى 11 لثورة 2011 خلال الأيام القادمة.
وكشف سعيّد في خطاب بثه التلفزيون الحكومي عن جملة من القرارات تتمثل في الابقاء على المجلس النيابي معلقا أو مجمدا إلى تاريخ 17 ديسمبر 2022 بتنظيم انتخابات نيابية مبكرة وفقا لقانون الانتخابات الذي سيتم تنقيحه.
وفي مطلع يناير القادم ينطلق تنظيم استشارة وطنية الكترونية على أن تنتهي في 20 مارس وستتولى لجنة تتكون من خبراء تأليف مختلف المقترحات التي سيعبر عنها التونسيون حتى نهاية يونيو على أن ينظم الاستفتاء في 25 يوليوز 2022، وهو يوم عيد الجمهورية.
وأعلن الرئيس في 25 يوليوز، في خضم أزمة اجتماعية واقتصادية وبعد أشهر من الجمود السياسي في البلاد، اللجوء إلى الفصل الثمانين من دستور 2014 الذي يخوله اتخاذ “تدابير استثنائية” في حال وجود “خطر داهم” على البلاد، وأعلن بمقتضاه إعفاء رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان.
وبعد ذلك بشهرين، أصدر في 22 سبتمبر أمرا رئاسيا قرر بمقتضاه تجميد العمل بقسم واسع من الدستور ومنح نفسه سلطة التشريع عبر مراسيم، وأعلن تمديد الاجراءات التي اتخذها “حتى إشعار آخر”.
وكتب النائب في البرلمان هشام العجبوني على صفحته بموقع فيسبوك في تعليقه على خطاب سعيّد “ملخّص الخطاب: أنا الدولة، أنا الرئيس، أنا الحكومة، أنا البرلمان، أنا القضاء…وكل من ينتقدني أو يعارضني إمّا طامع في المناصب أو كاذب أو خائن أو لصّ أو عميل أو جاهل”.
بينما اعتبر أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك ورئيس “المبادرة الديمقراطية” وهو ائتلاف يضم أبرز الشخصيات المعارضة لقرارات سعيّد “أسقط السقف فوق رؤوس جميع من طالبوه بسقف يستر موقفهم. هاهم في العراء تماما، امّا من لم يتردّدوا ولم يرتبكوا فلنا شرف النضال لاسقاط الإنقلاب وسنواصل”.
ولم يعلق حزب النهضة ذي المرجعية الاسلامية بعد على التدابير الاستثنائية التي أعلن عنها سعيّد وهو الحزب الأكثر تمثيلا في البرلمان المعلقة أعماله والخصم السياسي الأول لسعيّد. وردد سعيّد في خطابه “لن نعود الى الوراء ولا رجوع إلى الوراء أبدا”.

تواصل التوتر السياسي
ويقول المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي إن “الرئيس لم يتأثر بكل الضغوط” سواء من الأحزاب أو من الشخصيات السياسية التي تدعوه للتراجع عن قراراته التي اتخذها في 25 يوليوز الفائت و”هو مصرّ على اتمام تنفيذ مشروعه السياسي” بتغيير نظام الحكم في البلاد والذي كان يقوم على منح السلطة التشريعية صلاحيات أوسع على حساب التنفيذية.
ويتابع “حاول عبر مناورته السياسية ان يسحب البساط من خصومة بالتأكيد على وجود أجندة ورزنامة وتواريخ محددة”.
وجاء خطاب سعيّد اثر تواتر دعوات منذ أيّام للاحتجاج في العاصمة تونس “ضد الانقلاب” وأخرى للتظاهر مساندة لقرارات الرئيس يوم الجمعة.
ولكن الجورشي يلفت إلى ان “الاشكاليات الكبرى أنه سيتواصل الحكم في البلاد بأوامر سياسية” ما سيزيد “من صراعه السياسي مع خصومه ويتواصل ويستمر التوتر”.
واعتبر الجورشي أن قبول قرارات سعيّد من قبل التونسيين ستحدده الأيّام القليلة القادمة تزامنا مع احتفال البلاد بالذكرى 11 للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي. ويقول الجورشي “الشارع غير مطمئن، الأوضاع الاقتصادية هي التي تهم الشارع التونسي…الأشهر القادمة ستحدد هل ان الشارع مطمئن للقرارات أم أنه قلق”.

صعوبات اقتصادية
وتواجه تونس أزمة اقتصادية خانقة في بلد لا تشجع حالة انعدام الاستقرار فيه المزمنة، المستثمرين والمانحين، كما وصلت نسبة البطالة فيه 18,4%.
ويمر اقتصاد البلاد بصعوبات منذ 2011 ولم يتجاوز معدّل النمو الاقتصادي 0,6% خلال السنوات العشر الأخيرة. كما ارتفعت نسبة التضخم إلى 6,4% وزادت الأزمة الصحية من تفاقم الوضع في البلاد وحرمته من إيراداته السياحية.
ويقول نزار بن حميدة (37 عاما) من شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة “من المهم أن يضع كل شيئ في اطاره القانوني والدستوري..لكن أين العمق في علاقة بالمواضيع الراهنة المتعلقة بالتشغيل والفقر ومحاسبة من أجرموا في حق البلاد”.

وفي ماي الفائت، عادت تونس المثقلة بالديون للمرة الرابعة خلال عقد للتفاوض مع صندوق النقد الدولي سعيًا إلى اتفاق على ثلاث سنوات والحصول للعام 2021 على 3,3 مليارات يورو (4 مليارات دولار) في مقابل وعد بإصلاحات يبدو الالتزام بها أصعب من السابق.
وشدد سعيّد في خطابه ومستندا إلى تقرير محكمة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية والنيابية للعام 2019 والذي أظهر تجاوزات لأحزاب سياسية، “تقاضوا الدولارات واليوروات من الخارج في الانتخابات السابقة وما زالوا يتقاضون الأموال ولم تتم مقاضاتهم” داعيا القضاء إلى اقرار أحكام.
والجمعة دعا سفراء الدول الأعضاء في مجموعة السبع المعتمدون في تونس في بيان مشترك إلى عودة “سريعة” لعمل المؤسسات الديموقراطية في البلاد.

* (أ ف ب)

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.