فضائح العنف الجنسي الممارس على الأطفال.. حينما ينزع اللثام..!!

منذ سنوات خنق صمت مطبق، ناتج عن احساس بالذنب والخوف من الفضيحة والتوافق الاجتماعي، فضائح العنف الجنسي الممارس على الأطفال.. حينما ينزع النقاب..!!معاناة الأطفال ولكن أيضا فضائح العنف الجنسي الممارس عليهم، حيث كان الحديث عن الإعتداء الجنسي على الأطفال يدخل في مجال الطابوهات والمواضيع المسكوت عنها والممنوع الاقتراب منها أو ملامستها. إلا أن المجتمعات التي كانت تعاني بالأمس ولفترة طويلة من حالات الصم وعمى الألوان، فتحت أعينها منذ عقد من الزمن على ظاهرة الإعتداء الجنسي على الأطفال.

لقد تسببت قضية البيدوفيل مارك دوترو في صيف سنة 1996 في تأثر عام عبر جميع أنحاء العالم، ولكن في الوقت نفسه، ساهمت في تسريع الوعي بحجم ظاهرة مرت حتى الآن في صمت، من خلال إصدار قوانين وطنية ودولية والعمل على تنفيذها لتعزيز الوقاية وزجر الجرائم الجنسية ضد الأطفال، من جهة. ومن جهة أخرى، على قضايا الإعتداء الجنسي على الأطفال التي بات الكشف عنها الآن أكثر سهولة وتحضى باهتمام وسائل الإعلام حيث يتم التعريف بها على نطاق واسع.

فحالة معلم، متقاعد، بيدوفيل، من لنييفر في فرنساهي رمزية، إذ يكون قد اعتدى جنسيا على تلاميذته، حيث أن بعضهم أصبح راشدا وحتى رب أسرة، ولازالوا يعانون في صمت من ندوب لا تمحى من محنتهم، لكن على الرغم من التردد المستمر، والخوف والخجل، تمكنوا من دفن الماضي، عن طريق اللجوء إلى العدالة حيث حكم على البيدوفيل بناء على ستون شكابة قدمت ضده.

التسامي على الواقع
ساد الاعتقاد في المغرب ولوقت طويل، عن حق أو باطل، بأن مجتمعنا محصن ضد هذا النوع من السلوك، فهل يتعلق الامر بنوع من التسامي على الواقع أو مجرد جهل بأسس مجتمع يفضل التهرب من الموضوع ومن طرح الاسئلة المحرجة.
فقد أميط اللثام حول مختلف قضايا العنف ضد الأطفال، وزنى المحارم والاستغلال الجنسي للأطفال، والتي تدل على أن نموذج مجتمعنا لديه نصيبه من السلوكات التي تحيد عن القاعدة الاجتماعية.

ولازلنا نتذكر كيف أصاب الذهول والحيرة المغاربة قاطبة أمام قضية سفاح تارودانت التي حضيت بمتابعة إعلامية واسعة وباهتمام الرأي العام المحلي والوطني.

نشأة الظاهرة
كيف يمكن تفسير نشأة ظاهرة الاعتداء الجنسي على الاطفال المرعبة؟ يسمح التحليل النفسي والاجتماعي بتشخيص هذه الظاهرة، ولكن لا شيء يمكن أن يبرر مثل هذه الأفعال. فبالنسبة لبعض الاختصاصيين هو شكل من أشكال الشذوذ الجنسي السادي، وبالنسبة للبعض الآخر، هو مزيج من إحباط جنسي واجتماعي الذي يجعل من اللجوء إلى فعل الإعتداء الجنسي على الأطفال استعاضة سهلة ولكنها وحشية للغاية. وعلاوة على ذلك، وراء كل حالة، هناك قصة، ولكن نفس الأسباب لا تؤدي دائما إلى نفس الأفعال، حيث يعتبر علماء الإجرام أن المرور إلى الفعل هو الذي يخلق الفارق بين المجرم وغير المجرم.
وعلى صعيد آخر تم تجاوز خطوة جديدة، ويتعلق الامر باستغلال ودمج هشاشة الأطفال، إلى جانب الانحراف المرضي للبيدوفيل في المجال المركنتيلي، الذي يعتبر تجارة حقيرة مرعبة، والتي تجمع بين مختلف القطاعات والوسائل: سياحة وسينما إباحية وأنترنيت ….

صحوة ضمير
إن تكاثر حالات العثور على قضايا الإعتداء الجنسي على الأطفال، لا يجب أن يجعلنا نعتقد بأن حالات الإعتداء الجنسي يعرف نموا حقيقيا، بل يدل في المقام الأول على أن الكلمة تحررت من قيدها. حيث ساعد تنظيم حملات وطنية تحسيسية بتظافر مع دينامية الوسط الجمعوي على الكشف والحديث وإصدار متابعات قضائية. إن استكشاف ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال هز نير هذه الأعمال الوحشية دون جعلها تصبح عادية.

التزام الهيئات العمومية
إلى جانب الصمت الخاص الذي تبدد، بدأت الهيئات العمومية في إصلاحات حاسمة شملت المجال التشريعي الذي يتعلق بحماية الطفولة.
فالظهير الشريف الصادر في 11 نونبر 2003، بتنفيذ القانون المتعلق بتغيير وتتميم القانون الجنائي، الذي ينص في فصله 1-467 بأن يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من خمسة آلاف إلى مليوني درهم كل شخص يقوم ببيع أو شراء طفل تقل سنه عن ثمان عشرة سنة.
ويقصد ببيع الأطفال كل فعل أو تعامل يتم بمقتضاه نقل طفل من شخص أو مجموعة أشخاص إلى شخص آخر أو مجموعة أشخاص بمقابل كيفما كان نوعه.
ويعاقب الفصل 2-467 بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة من خمسة آلاف إلى عشرين ألف درهم ما لم يكن الفعل جريمة أشد، كل من استغل طفلا دون الخامسة عشرة سنة لممارسة عمل قسري أو توسط أو حرض على ذلك.
ويقصد بالعمل القسري بمفهوم الفقرة السابقة إجبار الطفل على ممارسة عمل لا يسمح به القانون أو القيام بعمل مضر بصحته أو سلامته أو أخلاقه أو تكوينه.
وبالمثل، فإن الفصل 2-503 يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من عشرة آلاف إلى مليون درهم كل من حرض أو شجع أو سهل استغلال أطفال تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة في مواد إباحية، وذلك بإظهار أنشطة جنسية بأية وسيلة كانت سواء أثناء الممارسة الفعلية أو بالمحاكاة أو المشاهدة أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للأطفال يتم لأغراض ذات طبيعة جنسية.
تطبق نفس العقوبة على كل من قام بإنتاج أو توزيع أو نشر أو استيراد أو تصدير أو عرض أو بيع أو حيازة مواد إباحية من هذا النوع. ويعاقب على هذه الأفعال حتى لو ارتكبت عناصرها خارج المملكة.
وتضاعف العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذا الفصل إذا كان الفاعل من أصول الطفل أو مكلفا برعايته أو له سلطة عليه. وتطبق نفس العقوبة على محاولة الأفعال المذكورة. ويأمر الحكم الصادر بالإدانة بمصادرة وإتلاف المواد الإباحية. ويمكن للمحكمة أن تأمر بنشر أو تعليق الحكم الصادر بالإدانة.
علاوة على ذلك، تظهر العدالة يقظة بشكل متزايد تجاه المجرمين الجنسيين بصفة عامة، والبيدوفيل على وجه الخصوص، غير أن الزيادات النسبية للقضايا تعكس بشكل أكبر الزيادة في البيانات أكثر من الأفعال نفسها.
ومع ذلك، فإن مكافحة البيدوفيلية والإعتداءات ضد الأطفال هو أكثر فعالية عندما يتم مباشرته من أعلى، وفي هذا السياق فإن دور المدرسة يبقى حاسما، من خلال معلومة ذات قيمة وقائية باعتماد برنامج مدروس قادر على التغلب على الصعوبة في معالجة قضية حساسة جدا وما هو أكثر من ذلك، موجهة لجمهور معين من الأطفال والمراهقين من مختلف الأعمار…

* (م.ل) عن (م.ش)

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.