على هامش اليوم الدولي للغة الأم

*بقلم:حمزة الأمين

وأنا بصدد كتابة هذه السطور بلغني أن يوم 21 فبراير من كل سنة يصادف اليوم الدولي للغة الأم ، و بالتالي تجددت حسرتي! لأن السنين والعقود تمر و لكن يبدو أن حال دار لقمان مستمرة على ما كانت عليه ، حيث مازلنا نشهد بين ظهرانينا الكثير من الممارسات المهينة للغتنا العربية والتي لا تخفى مظاهرها على القاصي والداني ، منها ما استوقفني و أثار حفيظتي عندما كنت أتجول مؤخرا وسط المدينة الخضراء ، هذا الحي “الراقي” المتواجد بمنطقة بوسكورة في ضاحية الدار البيضاء ، حيث رمقت عيناي و بشكل سافر غياب أحرف الضاد على واجهات المحلات التجارية والمقاهي و المطاعم و المؤسسات التعليمية الخاصة وغيرها من المرافق الأخرى..
إلا أنه و من غريب الصدف ، لفت انتباهي شيء مثير للذهول ، حيث لاحظت أن الواجهة الرئيسية لمؤسسة تعليمية تابعة للبعثة الفرنسية تحمل إسم المؤسسة مكتوب باللغة الفرنسية طبعا إضافة إلى اللغتين العربية و الأمازيغية ، و ذلك في امتثال تام لفصول القانون الذي يؤطر الشأن اللغوي الرسمي للبلد ، و احترام صريح للدستور الذي ينص أن اللغة الرسمية للمغرب هي العربية إلى جانب الأمازيغية.
وعلى النقيض من ذلك – وأتمنى ألا ينزعج مني بعض الزملاء على هذه الصراحة المرة ! – نجد أن جل المؤسسات التعليمية الحديثة التأسيس خاصة بالمدن الكبرى ، والتي هي مؤسسات خصوصية تشتغل بترخيص من وزارة التربية الوطنية و ببرامجها و تحت وصايتها ، تأبى إلا أن تخالف الدستور و تذيب لغة الوطن عن واجهاتها الرئيسية، و لعل أخطرها، و التي تأبى إلا أن تكتب اسمها على الواجهة الرئيسية باللغات الأجنبية وحدها لا شريك لها !!
لأسباب لا يمكن قبولها بحال من الأحوال مع أن اللغة العربية من المواد المقررة لديها وفق برنامج الوزارة الوصية.
و الأدهى و الأمر من كل ذلك ، و ما يجعلني أستشيط غضبا و قلقا هو أن قطاع التعليم الخصوصي حاليا هو سليل التعليم الحر الذي تم إنشاؤه في فترة الاحتلال الفرنسي من أجل إذكاء الوعي الوطني و تهييئ أجيال مناضلة مقاومة تحرس عرين مقومات و مكونات النسيج الهوياتي الوطني ، أصبحت -و لشديد الأسف- الكثير من المؤسسات المنسوبة إليه أول من يحارب هوية البلد اللغوية.
و حتى لا أعيد إنتاج ما كتبته في مناسبات سابقة من ملاحظات و توجيهات و تحذيرات ، و بصفتي أحد قيدومي التربية والتعليم أدعو هذه المرة السيد وزير التربية الوطنية و التعليم الأولي حصريا و رسميا بتفعيل و أجرأة القوانين المنصوص عليها في الدستور المغربي و الكفيلة بحماية لغتنا ، و ذلك من خلال حث و إجبار المؤسسات التعليمية الخصوصية على احترام الدستور بإعطاء اللغة العربية الأولوية والأهمية التي يضمنها لها دستور البلاد ، بدءا بكتابة اسم المؤسسة على الواجهة الرئيسية باللغتين العربية و الأمازيغية أولا ، ثم بعد ذلك يختاروا من الأسماء و اللغات الأجنبية ما يشاؤون و كيفما يشاؤون.
في الختام ، أذكر أنني لست بصدد الدعوة إلى الانغلاق على لغتنا و ثقافتنا ، و لكن في نفس الوقت لا نرضى الدونية و الانبطاح و المهانة للغتنا وهويتنا الوطنية…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.