البرلمان الفرنسي يتجه نحو إنهاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر… وإعادة النظر في كافة الاتفاقيات الثنائية
معكم 24
أقدم الجمعية الوطنية الفرنسية على خطوة بارزة في مسار العلاقات المتوترة بين فرنسا والجزائر، حيث أقرت، بأغلبية ضئيلة، قرارا يدعو إلى إنهاء اتفاقية الهجرة الموقعة بين البلدين عام 1968، وإعادة النظر في كافة الاتفاقيات الثنائية المبرمة مع النظام الجزائري.
بمعطى أن هذا القرار يُعدّ رمزيّاً أكثر من كونه تشريعاً قانونياً مُباشراً، فإنه يُشكل مؤشّراً إلى تحوّل محتمل في سياسة باريس تجاه الجزائر، ويُعكس تفاقماً في التوتر الدبلوماسي بين البلدين.
و بحسب ما أعلن فرانسوا بايرو، رئيس الوزراء الفرنسي، فإن الحكومة ستعيد النظر في الاتفاقية الموقّعة في 27 ديسمبر 1968 والتي تمنح الجزائريين تسهيلات استثنائية للإقامة والعمل في فرنسا، وذلك في ظلّ «عدم تعاون الجزائر في إعادة مواطنيها» الذين أمرت فرنسا بمغادرة أراضيها.
حالات ربطتها وسائل الإعلام بفرنسا، منها جريمة في مدينة مولوز ارتكبها مواطن جزائري كان مُوجَّهاً لأمر مغادرة الأراضي الفرنسية، استُشهد بها كأحد الأسباب التي دفعت باريس إلى «تصعيد» موقفها.
كما أن تقرير قدّمه مجلس الشيوخ الفرنسي أوصى بـ«فتح مسار لإنهاء الاتفاقية» في حال عدم إعادة التوازن إلى نظام الإقامة والتنقّل الذي ينص عليه، واعتبر أن هذه الاتفاقية تخلّ بتوازن العلاقة وبمبدأ المساواة.
و الجدير بالذكر أن الاتفاقية المبرمة في 1968 بين فرنسا والجزائر كانت تُعدّ اتفاقاً خاصّاً لتنظيم حركة العمالة والإقامة الجزائرية في فرنسا، بعد الاستقلال الجزائري عام 1962. من أبرز بنودها: تسهيلات في منح رخص الإقامة الطويلة للأجانب جزائريين، شروط أسرية ميسّرة، وإجراءات خاصة مقارنة بجنسيات أخرى.
لكن الحكومة الفرنسية اليوم ترى أن الجزائر «لم تحترم التزاماتها» خصوصاً في ما يتعلق بإعادة مواطنيها المُصنّفين كموجّهين لأوامرٍ بالمغادرة، وهو ما يُعدّ جزءاً من الأساس الذي بنى عليه قرار إعادة النظر في الاتفاقية.
القرار يُعدّ حسب محللين، إشعاراً بتحول محتمل في استراتيجية فرنسا تجاه الجزائر، وقد يمهّد لوقف التسهيلات الممنوحة للجزائريين في فرنسا أو تعديلها جذريّاً.
الجزائر بدورها حذّرت من «المساس بالاتفاقية» واعتبرت أن مثل هذه الخطوات ستدفعها لاتخاذ «إجراءات مقابلة» تجاه الاتفاقيات الثنائية الأخرى.
رغم أن القرار ليس قانوناً الزامياً (لأنه ليس إلغاءً تشريعياً اتفاقياً)، إلا أن رمزيته وتأثيره السياسي واضحان، وقد تحفّزان باريس على اتخاذ إجراءات عملية لاحقة.
وترتبط هذه التطوّرات بسياق أوسع من التوترات الدبلوماسية بين البلدين، شملت قضايا مثل الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ورفض الجزائر التعاون الكامل في ملفات الترحيل، وخلافات حول السيادة والذاكرة التاريخية.