ناجون يروون مشاهد الرعب أثناء فرارهم من الفاشر السودانية

معكم 24- أ ف ب

 

فرّ أكثر من 36 ألف مدني من المدينة، يوم الأحد، عندما سيطرت قوات الدعم السريع على آخر معاقل الجيش في منطقة دارفور، مما استدعى تحذيرات من الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية من احتمال وقوع عمليات قتل جماعي وتطهير عرقي.

ولجأ بعضهم إلى مدينة طويلة الواقعة على بعد حوالي 70 كيلومترا من الفاشر، والتي تؤوي حوالي 650 ألف نازح.

ووصف ثلاثة ناجين لوكالة “فرانس برس” وصلوا إلى طويلة، مشاهد الرعب أثناء فرارهم من المدينة، التي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ 18 شهرا وقطعت عنها الإمدادات الأساسية من غذاء ودواء وغيرها.

وذكرت شهاداتهم بالماضي المظلم لدارفور مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما قامت ميليشيات الجنجويد، القوات المتهمة بالإبادة الجماعية التي ارتكبت في الإقليم والتي شكّلت فيما بعد نواة قوات الدعم السريع، بإحراق قرى وقتل حوالي 300 ألف شخص ونزوح 2,7 مليون آخرين.

وروت امتثال محمود، إحدى الناجيات من عمليات القتل السابقة في دارفور والمقيمة الآن بالولايات المتحدة، لوكالة “فرانس برس” لحظة مروعة عندما تعرفت على جثة قريبتها في مقطع فيديو نشر على حسابات مرتبطة بقوات الدعم السريع.

وقد حُجبت الأسماء الكاملة للناجين الآخرين الذين تحدثوا الى “فرانس برس” حفاظا على سلامتهم.

 

حياة أم لخمسة: قتلوا ولدي البالغ 16 عاما

 

قالت حياة: “يوم السبت على الساعة السادسة صباحا كان القصف شديدا. دخلت مع أبنائي الخندق، ومنذ ستة أشهر لا نعرف شيئا عن زوجي”.

وأضافت “بعد ساعة دخل سبعة مقاتلين من قوات الدعم السريع علينا في البيت. أخذوا هاتفي وفتشوا حتى ملابسي الداخلية وقتلوا ولدي وعمره 16 سنة”.

وتابعت “هربنا مع كثير من الناس. وفي الطريق بين الفاشر وقرني (وهي قرية تقع شمال غرب المدينة)، رأينا أشخاصا ميتين على الأرض ومصابين متروكين، إذ لم يتمكن أهلهم من حملهم. وفي الطريق نهبونا مرة ثانية وتم توقيف الشباب الذين كانوا معنا. لا نعرف ما حصل لهم”.

 

حسين: ناس ميتون في الشوارع

 

روى حسين، وهو من سكان الفاشر مصاب بكسر في رجله نتيجة سقوط قذيفة في منزله، قائلا: “غادرنا الفاشر صباح السبت. تعبنا كثيرا في الطريق (بسبب) الجوع والعطش والتوقيف المتكرر (عند نقاط) التفتيش. قبل قرني أوقفوني ثلاث ساعات، وقالوا إنني مصاب لأنني كنت أقاتل في الفاشر. لولا أسرة عندها كارو (عربة خشب يجرها حمار) لما وصلت إلى قرني”.

وأضاف “الوضع في الفاشر صعب جدا. ناس ميتون في الشوارع. ليس هناك أحد ليدفنهم. نحن الحمد لله وصلنا إلى هنا ولو بالملابس التي كنا ننام فيها. هنا نشعر بالأمان”.

 

محمد أب لأربع بنات: الجثث تحولت إلى عظام

 

قال محمد، الذي غادر الفاشر الأحد ووصل إلى طويلة الثلاثاء: “كنت أسكن في (مخيم) زمزم. عندما دخلت قوات الدعم السريع المعسكر نزحت إلى الفاشر وبقيت في حي أبو شوك. كان الضرب السبت شديدا للغاية، أمضينا اليوم أنا وبناتي الأربع ووالدتهن في خندق حتى فجر الأحد”.

واضاف “غادرنا قبل طلوع الضوء واتجهنا نحو قرني. في الطريق نهبوا أموالي وأوقفوا الشباب وأخذوهم. رأيت ناسا ميتين، بعضهم أصبحوا عظاما”.

واسترسل قائلا: “لقد ضربوني بالعصا على ظهري، وكانت هناك شظايا برجلي نتيجة قذيفة سقطت قرب بيتي في زمزم”.

وتابع “وصلنا إلى طويلة عند المغرب يوم الثلاثاء. الآن ليس لدينا مكان لنبقى فيه. أنا وبناتي ووالدتهن ننام في الخلاء دون أغطية”، مشيرا إلى أن عاملين في منظمات إنسانية قدموا اليهم الطعام، لكن “ليس هناك خيم ولا أغطية”.

وختم قائلا: “نريد فقط أن تنتهي الحرب ونعود إلى بيوتنا”.

 

امتثال محمود المقيمة بالولايات المتحدة: تعرفت على قريبتي من مقطع فيديو

 

قالت امتثال: “من شبه المستحيل وصف الشعور الذي يخالجنا الآن، نحن أبناء دارفور. ما زال كثر من أفراد عائلتنا عالقين في المدينة. لا نعرف من مات منهم ومن بقي على قيد الحياة”.

وأضافت “هناك مقاطع فيديو وتقارير عن قتل أشخاص. إنه أمر مروع، إذ نتعرف في مقاطع الفيديو التي تنشرها قوات الدعم السريع، التي تتباهى بارتكابها إبادة جماعية منذ مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، على أقارب وأصدقاء. لقد علمنا مؤخرا بمقتل قريبتنا من خلال مقطع فيديو كان يتم تداوله”.

وتابعت “في الفيديو الذي نشره قاتلوها- أفراد من قوات الدعم السريع- يمكن رؤية جثتها ملقاة على الأرض. ويمكن سماع عنصر من قوات الدعم السريع يقول: قومي إذا كان يمكنك ذلك. كانوا يسخرون من جثتها، وهذا شكل آخر من أشكال التعذيب”.

وقالت: “كانت تعمل متطوعة فترة طويلة، وعندما وقع الحصار انضمت إلى المقاومة. كانت مقاتلة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.