الداخلية ترسم خريطة استباقية للمشهد السياسي قبل الانتخابات
متابعة أبو دنيا
لم تعد وزارة الداخلية تكتفي بدور المراقب الصامت في تدبير العلاقة بين رجال السلطة والمنتخبين، بل اختارت هذه المرة أن تتحرك بخطوات استباقية، عبر توجيه تعليمات دقيقة إلى العمال والولاة لرصد طبيعة التفاعلات بين ممثلي الإدارة الترابية من جهة، ورؤساء الجماعات والبرلمانيين من جهة ثانية.
ورغم أن الأمر يبدو إجرائيا في ظاهره، إلا أن خلفياته تحمل رسائل سياسية واضحة: الوزارة تريد أن تضمن توازنا حساسا في لحظة يتهيأ فيها المشهد الحزبي لدخول غمار الاستحقاقات التشريعية المقبلة. فالتقارير المنتظرة لا تقتصر على تقييم الأداء المؤسساتي، بل تشمل أيضا الأسماء المحتمل ترشحها، في محاولة لرسم صورة دقيقة للمشهد الانتخابي قبل أن تتبلور معالمه النهائية.
بالنسبة للمتابعين، فإن هذا التحرك يعكس وعيا بضرورة قطع الطريق أمام أي تحالفات ظرفية قد تخل بقواعد التنافس النزيه، أو تحوّل علاقة المنتخبين برجال السلطة إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية. فالإدارة الترابية تسعى، من خلال هذه المقاربة، إلى تثبيت مبدأ الحياد، وإلى طمأنة مختلف الفاعلين بأن العملية الانتخابية المقبلة لن تدار من خلف الستار.
وفي العمق، فإن التعليمات الجديدة ليست سوى تأكيد على أن وزارة الداخلية تواصل لعب دور “الضامن الأخير” لاستقرار قواعد اللعبة السياسية، عبر مراقبة التوازنات، وضبط إيقاع العلاقة بين السلطة والمجالس المنتخبة. خطوة قد تبدو تقنية في ظاهرها، لكنها تحمل رهانات سياسية كبرى مرتبطة بمصداقية المؤسسات، وبالثقة في مسار ديمقراطي تسعى المملكة إلى تحصينه في مواجهة أي انزلاقات محتملة.