حتى فات الفوت…”

بقلم: حسناء زوان

كشف محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مؤخرا في معرض رده على أسئلة شفهية تتعلق بـ”المجهودات المبذولة للقضاء على العنف المدرسي” عن مجموعة من الإجراءات ف”اشنو هي؟”.
قال الوزير، إن إجراءات وزارته، تتعلق بالأنشطة الموازية كالمسرح، والأنشطة الرياضية، وكذا تفعيل خلايا اليقظة داخل المؤسسات بغية تتبع التلاميذ الذين يعانون من ضغوطات نفسية واجتماعية من خلال المختصين الاجتماعيين، حتى تتم إحالة التلاميذ الذين يميلون إلى العنف على أطباء نفسانيين.
وتحدث الوزير أيضا عن تثبيت كاميرات مراقبة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بحيث يمكن رصد حالات العنف وإنذار مدير المؤسسة أو الجهة المختصة مباشرة.
تحدث الوزير عن أخصائيين اجتماعيين “فينهم؟” وأيضا عن أطباء نفسانيين وعلاج نفسي، ألم يسمع الوزير بتصريح قريب لزميله أمين التهراوي تحت قبة البرلمان، تحدث فيه عن المشاكل التي يعاني منها مجال الصحة النفسية والعقلية في المغرب، والمتعلقة أساسا بنقص في الأطباء النفسانيين والممرضين على مستوى المستشفيات العمومية، مما يزيد من معاناة المرضى النفسيين والعقليين، وخير دليل أنهم “ذايعين في الزناقي”.
ربما يقصد الوزير بحديثه، تلاميذ وأولياء أمور آخرين وليس “اللي مضاربين مع الخبز”، الذين ليس باستطاعتهم توفير علاج نفسي لابنهم بمقابل قد يصل إلى 500 درهم عند أخصائي نفساني في القطاع الخاص، وسيفضلون بدلا من ذلك “يخرجوه من المدرسة”!
لنفترض أن هذه الإجراءات تم تطبيقها “واش كافية”؟ لاجتثاث العنف من جذوره بعدما أصبح سلوكا عاديا في المدرسة وممارسوه “أبطال” في أعين زملائهم.
قد تكبح هذه الإجراءات نوعا ما هاته الظاهرة، لكن أن تستأصلها من جذورها، فلا أعتقد، خاصة والمقاربة التشاركية “ماكايناش”.
المشكل كما اعترف بذلك وزير التربية الوطنية معقد ولا يمكن حله في “رمشة عين”، وحتى باعتماد هذه الإجراءات “ماغاديش تتحل”، لأن الوزارة الوصية ظلت لسنوات “مامسوقاش” للتراكمات السلوكية الخطيرة التي كانت تشهدها المؤسسات التعليمية.
وظلت “مامسوقاش” حتى بعد أن راحت أستاذة ضحية لطالبها، و”ماتسوقاتش” لتحذيرات خبراء تربويين منذ سنوات و”ماتسوقاتش” لتقارير رسمية، كان آخرها تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول العنف اللفظي والجسدي والاعتداءات الجنسية في المدارس الثانوية وحتى الابتدائية، والذي كان جرس إنذار حقيقي، لكن الوزارة الوصية “ماتسوقاتش” حتى “مات اللي مات”.
تفاعل الوزارة المتأخر مع مشكل خطير مثل هذا ستكون له تبعات كبيرة، أما إجراءاتها فلن تكون كافية لأنه “فات الفوت”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.