نزار بركة ينتقد دعم استيراد الأغنام: موقف متأخر أم حسابات سياسية؟

متابعة: أبو دنيا

في خطوة أثارت العديد من التساؤلات، خرج نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بانتقاد لاذع لسياسة توزيع الدعم المخصص لمستوردي أضاحي العيد لسنة 2024، مشددا على أنه كان من الضروري أن يكون هذا الدعم “مشروطا” لضمان خفض أسعار اللحوم الحمراء وعدم تحوله إلى مصدر أرباح مضاعفة للمستوردين.

لكن المثير في هذا التصريح ليس مضمونه فقط، بل توقيته. فالدعم الحكومي، الذي بلغ 500 درهم عن كل رأس غنم مستورد، كان محل جدل منذ الإعلان عنه، حيث اعتبره العديد من المراقبين خطوة غير مدروسة، ساهمت في تعزيز المضاربة بدلا من تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في توفير الأضاحي بأسعار معقولة. ومع ذلك، لم يصدر عن بركة أو حزبه أي موقف رسمي حاسم خلال الأشهر الماضية، مما يدفع إلى التساؤل: لماذا تأخر هذا الانتقاد؟

خلال مشاركته في برنامج “نقطة إلى السطر” على القناة الأولى، أكد نزار بركة أن بعض المستوردين استغلوا الدعم لتحقيق أرباح مضاعفة، بدلا من توفير الأضاحي بأسعار مناسبة. وأوضح أن الأكباش التي تم استيرادها بـ 2000 درهم، بيعت بـ 4000 درهم، ما اعتبره “أمرا غير أخلاقي وغير مقبول”.

هذا الوضع أعاد إلى الواجهة النقاش حول غياب آليات رقابة فعالة لضمان استفادة المستهلك النهائي من أي دعم حكومي. فبينما كان الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو الحد من ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، إلا أن الواقع أظهر العكس تماما، حيث تحولت هذه العملية إلى فرصة لزيادة أرباح بعض الفاعلين في السوق، دون أي تأثير إيجابي على القدرة الشرائية للمواطنين.

رغم وجاهة الانتقاد الذي وجهه نزار بركة، إلا أن توقيته يطرح عدة تساؤلات. لماذا التزم الصمت طيلة الشهور الماضية، بينما كانت أسعار اللحوم ترتفع بشكل غير مبرر رغم الدعم؟ ولماذا لم يعبر عن موقفه خلال المناقشات الحكومية أو البرلمانية حين كان بإمكانه التأثير على القرار قبل تنفيذه؟

يبدو أن هذا الخروج الإعلامي قد يكون مرتبطا بتحولات سياسية داخل الحكومة التي تضم حزب الاستقلال كأحد مكوناتها الرئيسية. فمن المعروف أن انتقادات داخلية كهذه قد تكون رسالة سياسية موجهة للحلفاء قبل أن تكون دفاعا عن المستهلكين. كما أن السياق الحالي، الذي يشهد تصاعد النقاش حول التدبير الحكومي للملفات الاقتصادية والاجتماعية، قد يكون دافعا إضافيا لهذا الموقف.

بغض النظر عن دوافع التصريح، فإن النقاش الذي أثاره يظل ضروريا، خصوصا في ظل تأكيد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، في وقت سابق على وجود 18 مضاربا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء. فالوضع الحالي يكشف الحاجة إلى إجراءات أكثر صرامة لضبط الأسعار ومنع التلاعب بالأسواق، سواء عبر تسقيف الأسعار، أو وضع شروط صارمة لأي دعم حكومي مستقبلي.

في النهاية، يظل تصريح نزار بركة مهما، لكنه يثير أكثر من علامة استفهام حول توقيته ودوافعه الحقيقية. فهل هو تعبير عن موقف مبدئي متأخر، أم أنه جزء من صراع سياسي داخل الحكومة؟ في كل الأحوال، يظل الأهم هو اتخاذ خطوات عملية لضبط السوق ومنع تحول الدعم الحكومي إلى فرصة للمضاربة، على حساب القدرة الشرائية للمواطن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.