مراسلة لأخنوش تطالبه بسحب مشروع القانون التنظيمي للإضراب من المؤسسة التشريعية
هيام بحراوي
راسلت الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد ، رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، تطالبه بسحب مشروع القانون التنظيمي للإضراب من المؤسسة التشريعية، معبرة عن إستنكارها وإدانتها لما تعرضت له المسيرة الاحتجاجية التي نظمتها الجبهة يوم 29 دجنبر 2024 والتي قالت في نص مراسلتها التي توصل موقع “معكم 24″ بنسخة منه تمت ” محاصرتها والتضييق على مناضليها ومنعهم من التعبير عن سخطهم من اتخاذ مشروع القانون التنظيمي للإضراب مطية لمصادرته وليس تنظيمه”.
وأدانت الجبهة النقابية، خضوع الحكومة لتعليمات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي حسب تعبيرها ” لخدمة رأسمال ريعي جشع يعمق التبعية ونهب ثروات البلاد التي تسن لها راهنا تشريعات تعدم إمكانات تطورها ديمقراطيا واجتماعيا وسياسيا وعلى رأسها القانون التنظيمي لحرمان العمال وعموم المأجورين من حقهم المقدس في الإضراب وهو جوهر الحقوق والحريات النقابية”.
كما حملت المراسلة ، رئيس الحكومة المسؤولية الكاملة في ما آلت إليه أوضاع البلاد من “تردي واحتقان” وذلك من خلال ” ترسيخ لمنهجية القمع والتخويف ومصادرة كل أشكال التعبير والمتابعات الإنتقامية في التعاطي مع كل المطالب الحقوقية، وعلى رأسها مطلب الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد”.
وتطالب الجبهة، بضرورة سحب مشروع هذا القانون التنظيمي للإضراب من المؤسسة التشريعية التي تضيف ” تعول فيها الأغلبية البرلمانية لفرض الأمر الواقع، وذلك لعدم وجود أي مبرر قانوني لاعتماده. ناهيك عن وجود فائض في النصوص القانونية المقيدة لهذا الحق والاجتهادات القضائية المنظمة له”، تضيف المراسلة.
وجددت الجبهة التأكيد على أن ” كل محاولات تخسيس القانون من 49 مادة ل35 لم تغير من جوهره “التجريمي” كما لم تحجبه كذلك، إذ استمر التضييق من نطاقه من خلال تجريم الإضراب السياسي وحتى الإضراب في مواجهة إجراءات حكومية لها تأثير مباشر على الحقوق والحريات، و الإضراب التضامني والدفاعي والدائري والمتكرر وغير محدد المدة والفجائي، وإضراب التباطؤ، والإضرابات المحلية والإقليمية والجهوية في القطاع العام وغيرها من الأشكال النضالية التي كرستها الممارسة النقابية في كل دول العالم والتي تعتبر منظمة العمل الدولية حظرها إجراء تعسفيا”.
وأشارت الجبهة ، أن منظمة العمل الدولية تسمح في إطار الحريات النقابية باحتلال أماكن العمل، غير أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب كما تمت المصادقة عليه في مجلس النواب، تؤكد ” يجرم الاعتصامات والاحتجاجات بمقرات العمل وعند مداخلها وفي الطرق المؤدية إليها ويعطي الصلاحية للسلطة المحلية لتفريقها وتحرير محاضر من طرف الشرطة القضائية بشأنها في ظرف 24 ساعة لتشملها المقتضيات الجنائية بما فيها الفصل 288 من القانون الجنائي ناهيك عن الغرامات الثقيلة المضمنة في هذا المشروع والمسلطة على رقاب المضربين وتنظيماتهم مقابل غرامات رمزية للشركات العملاقة المسيطرة على اقتصاد البلاد ومنها شركات الاستعمار الجديد مما سيشجعها على ترسيخ كل أشكال الانتهاكات الشغيلة”.
وأكدت المراسلة ، أن ” مشروع القانون التنظيمي للإضراب، قد حول هذا الحق إلى مخالفة تأديبية وجريمة في نفس الآن بالشكل الذي سيضع أقدام رجال المال والأعمال في أفواه الملايين من منتجي الخيرات لإخراسهم للأبد من خلال اعتماد الأحكام الجنحية سندا للفصل من العمل بفعل ما أتاحه هذا القانون التنظيمي من أشكال مبتكرة لتحايل أرباب الشغل للإيقاع بالنقابيين خصوصا وأنه لا يتضمن أي مقتضى لحماية النقابيين أو التنصيص على دور المكاتب النقابية وضمانات ممارسة دورها التأطيري والاعتراف به، وبهذا يظهر جليا هذا الانحياز للباطرونا ودفعها للزحف على كل ما تبقى لعموم الطبقة العاملة من مكتسبات”.
وأردفت الجبهة ” إن إثقال هذا القانون التنظيمي للإضراب بالإجراءات والمساطر المعقدة والمقررة تحديدا من أجل خدمة المشغل لترتيب كل أموره، وكذا المدد الزمنية الطويلة لإعلان الإضراب وخوضه والتي تصل إلى 60 يوم في القطاع العام والتي لا تعكس سعيا جديا لحلحلة المشاكل بقدر ما تكشف عن إرادة راسخة في الانتقاص من هذا الحق وتجريده من فاعليته، وحرمان التنسيقيات والنقابات الأقل تمثيلية وحديثة التأسيس من الدعوة للإضراب وكذا النقابات التي تعسفت مصالح وزارة الداخلية في منحها وصولات إيداع ملفاتها القانونية، والإفراط في التجريم والعقاب وتخويف المضربين، وحرمانهم من أجورهم حتى في حالة الإضرابات المشروعة او الإضراب من أجل احترام مقتضيات مدونة الشغل، كلها إجراءات مخالفة للدستور و توصيات منظمة العمل الدولية والعديد من الاتفاقيات الدولية و يعود بالعمال المغاربة إلى الوراء أزيد من 100 سنة لقانون تنظيم الإضراب الذي أقرته الحماية الفرنسية لفائدة مواطنيها دون المغاربة سنة 1936، وهو ما يفرغ هذا الحق من محتواه ويحوله إلى مجرد منحة”.
وقالت ” إن الإبقاء على امكانية منع الإضراب من طرف رئيس الحكومة بقرار إداري في حالة “كوارث” أو “أزمة وطنية” هي خطوة غير مسبوقة لانتهاك حرية الرأي والتعبير وتقييدها بشكل تعسفي بمقتضيات غامضة وعامة لتكميم الأفواه وترسيخ التراجع على مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية” .
وختمت المراسلة تقريرها، بأن ” هذا القانون التنظيمي للإضراب لن يعزز نموا اقتصاديا ولا تنمية إجتماعية ولا مشاريع كبرى، بقدر ما سيضمن مصالح وأرباح الرأسمال المحلي والأجنبي ويسهل تفكيك نظام الوظيفة العمومية وتخريب ما تبقى من أنظمة حماية اجتماعية وإقرار هشاشة ومرونة الشغل ويعزز البطالة والطرد الجماعي وتعميق التبعية والقمع والتخلف”.
وجددت الجبهة النقابية، التأكيد على رفضها لهذا القانون التنظيمي شكلا، لعدم إتاحة المشاركة في مناقشته لكل المعنيين به بمن فيهم الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد، ومضمونا لانتهاكه حسب وصفها ” حقاً لا نلجأ إليه ترفا وإنما اضطرارا حين نستنفد جميع وسائل التواصل والتفاوض وتغلق أمام وجوهنا كل أبواب التواصل الجدي والجاد والمثمر”.
يشار أن الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد هي حركة أو إطار نضالي تأسس في المغرب، يجمع بين مجموعة من الهيئات النقابية، والسياسية، والحقوقية، والمدنية. هدفها الأساسي هو التصدي لمشاريع القوانين التي تراها مجحفة بحق الطبقة العاملة والموظفين، خصوصًا قانون الإضراب، الذي تعتبر الجبهة أن هذا القانون يهدف إلى تقييد الحق في الإضراب، وهو حق دستوري يُعتبر وسيلة أساسية للدفاع عن الحقوق الاجتماعية والمهنية. و قانون التقاعد، الذي ترى الجبهة أن الإصلاحات التي طُبقت على أنظمة التقاعد في المغرب غير عادلة، حيث تفرض عبئًا أكبر على العمال والموظفين من خلال رفع سن التقاعد وزيادة الاقتطاعات دون تحسين فعلي في الخدمات أو معاشات التقاعد.
وتتمثل أهداف الجبهة في الدفاع عن حقوق العمال والموظفين و التصدي لأي قوانين تُقيد الحريات النقابية و الضغط من أجل إصلاحات اجتماعية واقتصادية عادلة ومنصفة وتنظيم حملات توعية وإضرابات واحتجاجات سلمية لرفض السياسات التي تعتبرها مضرة بحقوق الطبقة العاملة.
و قد تأسست الجبهة في ظل تزايد التوترات الاجتماعية في المغرب، خاصة مع ظهور مشاريع قوانين أثارت جدلاً واسعًا في صفوف النقابات والهيئات الحقوقية.