عصابة العاشق صلاح وجميلة الطعم.. !!

نتناول في ركن “من أرشيف الجريمة في المغرب” لهذا الأسبوع، المسار الإجرامي لكل من صلاح وجميلة، اللذان سقطا في براثين الجريمة في وقت مبكر جدا، وأصبحا يتوفران على سجل حافل بالجرائم في مختلف أنحاء المغرب. سجل لا يخلو من مغامرات بمعية شركائهم في إحدى العصابات الإجرامية، التي تحمل إسم رئيسها صلاح، وكانت تنشط في مجال سرقة السيارات حيث تستدرج ضحاياها بواسطة جميلة، فتاة متوسطة الجمال، كانت تستعملها عصابة صلاح كطعم لاصطياد ضحاياها من أصحاب السيارات ولاسيما الفارهة منها.. وويل لكل من تمكن من إلتقاط طعم هذه العصابة لأنها ستشبعه ضربا مبرحا وستستولي على كل ما بحوزته بما في ذلك سيارته، قبل أن تترك سبيله، ومن ثمة تبحث عن ضحية أخرى بعد أن تبتلع نفس الطعم…

*إعداد: عبد الحفيظ محمد

كان المسمى عبد العالي، شاب مهاجر بالديار الإيطالية، يتجول على متن سيارته من نوع كولف تحمل لوحة أرقام أجنبية، مساء منتصف أحد أيام فصل الصيف الحارقة بالقرب من ممر على مستوى حي الإنبعات بمدينة خريبكة، لما أثار انتباهه وجود فتاة، كانت جالسة بمفردها على قارعة الطريق، حيث يبدو للمرأ من الوهلة الأولى من خلال طريقة لباسها وجلوسها أنها تمتهن أقدم مهنة في العالم، لكنها في الحقيقة كانت توظف كطعم من قبل عصابة إجرامية لاصطياد مستعملي الطريق.

ابتلاع الطعم

لم يتمكن عبد العالي من مقاومة إغراء الفتاة الطعم، فخفض من سرعة سيارته وتوقف بمحاداتها، ثم دعاها إلى الصعود.. لم تتردد الفتاة في تلبية دعوة الشاب حيث جلست إلى جانبه مقدمة نفسها بأن اسمها “جميلة”، وبعد أن تجاوزا ركن التعارف بينهما انتقلا إلى تبادل الكلام المعسول المعتاد.

وحتى قبل الانتقال إلى الأمور الجدية بين عبد العالي وجميلة، ظهر شاب قوي البنية مسلح بسيف ويدعي بأنه شقيق الفتاة. إذ أمسك عبد العالي من قميصه وأجبره على الخروج من السيارة، ثم كلف شريكه الذي كان مسلحا هو الآخر بسكين، باستكمال المهمة وفقا للخطة المرسومة، حيث أرغمه على الجلوس بجانبه في المقعد الخلفي للسيارة، ثم بدأ في سرقة أمواله وهاتفه المحمول، في حين أدار صلاح محرك السيارة وانطلق قبل أن يخلي سبيله بعد ذلك.
يسمى المعتدي الجالس في مكان صاحب السيارة، صلاح من مواليد سنة 1988 بالفقيه بن صالح، ولا يتوفر على رخصة السياقة لكنه تعلم السياقة عندما كان يشتغل ميكانيكي متدرب بعد أن غادر مقعد الدراسة. وبعد ثلاث سنوات، بدأ يتردد على المجرمين من أبناء الحي لينتهي به الأمر إلى مغادرة ورشة الميكانيك والسقوط في براثين الجريمة حيث ارتكب في البداية جريمة اغتصاب، وبعد ذلك سرقة سيارة وأخيرا السطو على منزل، لكن هذه الجرائم لم تمر بسلام كما كان يتوقع إذ أمضى عقوبة حبسية نافذة بسببها.
وفي  يناير 2009، وبعد أن تم الإفراج عنه من السجن، تعرف على المسماة جميلة، فتاة قاصر متوسطة الجمال وتافهة من مواليد سنة 1993 في مدينة خريبكة. والدتها امرأة مطلقة، من والدها العاطل عن العمل والمدمن على المشروبات الكحولية، إستقرت الأم في مدينة الفقيه بن صالح حيث كانت تعول جميلة وشقيقيها من عملها كخادمة في إحدى المقاهي.

سرقة كل ما يتحرك
ابتعاد صلاح عن وكر الجريمة لم يدم طويلا، فبعد مرور ثلاثة أشهر فقط على مغادرته السجن بدأ يشعر بالملل ويفتقر إلى المال، الذي يساعده على قضاء أوقات في الفجور والفسوق، ليقرر في النهاية العودة إلى حقل الجريمة من جديد.
اتصل صلاح بابن عمه مرزاق، الذي كان قوي البنية ويرأس عصابة مكونة من فردين احترفا عالم الجريمة وهما نور الدين ونجيب.

استأجر مرزاق سيارة وأركب على متنها شركاؤه، الذين كانوا مسلحين بالسكاكين. وعند المساء هاجموا مسنين وبعض السكارى، وفي الصباح سرقوا امرأة. وفي اليوم التالي، رفضوا الخضوع لمراقبة الشرطة مفضلين الفرار بذل الانصياع، لتنطلق عملية مطاردة على الطريقة الهوليودية انتهت بتوقيف مرزاق. وهكذا أصبح صلاح على رأس العصابة…
وبما أن صلاح ونجيب كانا على علم بأنه بات مبحوثا عنهما من قبل الشرطة، فقد قاما باستئجار غرفة في حي آخر بعيدا عن أعين المراقبة.
وبعد ذلك بيومين، وبينما كانا في جلسة خمرية رفقة مجرمين آخرين هما أمين وسعيد، اقترح عليهم صلاح السطو على تاجر مشروبات كحولية بالحي. حيث امتطى الأربعة دراجة نارية من نوع سكوتر في ملكية سعيد وذهبوا جميعا للهجوم على تاجر خمور الذي سلبوا ماله واستولوا على علبة نبيد. وفي اليوم الموالي، كانت الشرطة لاتزال تطاردهم حيث اعتقل نجيب في نفس الغرفة، في حين تمكن صلاح من الفرار بأعجوبة، إذ ذهب عند عمه في الداخلة حتى تهدأ العاصفة، ثم عاد إلى غرفته بعد بضعة أسابيع…
سرق صلاح دراجة نارية من نوع سكوتر واتجه على متنها إلى مدينة خريبكة حيث استقر. ومن هناك اتصل بجميلة عبر الهاتف وطلب منها الالتحاق به.
قضى العشيقان الليلة معا في غرفة مستأجرة من قبل رفيق زنزانة سابق لصلاح يدعى عبد الرزاق. وفي اليوم الموالي، قدم لخليلته شيئا من المال وأعادها إلى مدينة لفقيه بنصالح على متن دراجة سكوتر مسروقة. وعند مدخل المدينة، تمكن من الإفلات من قبضة الشرطة، في حين تم إيقاف جميلة، التي قضت ثلاثين يوما في السجن قبل أن يطلق سراحها.

السرعة القصوى

وخلال هذه الفترة، ضاعف صلاح من عمليات سرقة الدراجات النارية من نوع سكوتر برفقة شريكيه عبد الرزاق وسعيد. وفي صباح أحد الأيام بمدينة لفقيه بن صالح، لاحظ صلاح وجود سيارة من نوع كولف كانت مركونة في زقاق ولا يوجد على متنها أحد وكان محركها لايزال يشتغل، إذ تسلل إليها كالبرق ثم انطلق على متنها بسرعة جنونية باتجاه مدينة الفوسفاط.

ومن مكر الصدف، اتصلت جميلة، التي أطلق سراحها للتو، بصلاح عبر الهاتف. هذا الأخير وجه إليها الدعوة لزيارته بمدينة خريبكة حيث كان في استقبالها في المحطة الطرقية برفقة عبد الرزاق وفتاة أخرى، تسمى “سكينة” حيث ذهب بها إلى الغرفة.

وبما أننا في فصل الصيف، فقد برمج صلاح في وقت سابق رحلة إلى مدينة الجديدة حيث أخذ معه” سكينة” على متن سيارة كولف مسروقة وترك “جميلة” رفقة عبد الرزاق.
ومرة هناك، هاجمه مجموعة من الأشخاص مسلحين بالهري حيث كسروا الزجاج الأمامي للسيارة دون أن يعلم بالأسباب الثاوية وراء هذا الهجوم المباغث. متسائلا: هل كان المهاجمون لصوصا مثله، أم أنهم كانوا من أقارب الضحية؟ وبما أنه لم يعرف الأسباب التي دفعت هؤلاء الأشخاص للهجوم على السيارة، فضل الهروب بجلده إلى مدينة أزمور. وبما أن الزجاج الأمامي كان مكسرا والرؤية غير واضحة، تخلى عن السيارة وعاد مع “سكينة” إلى خريبكة على متن الحافلة.

الفتاة الطعم
وفي اليوم الموالي، قرر صلاح السفر إلى مراكش. وفي غضون ذلك أضحى كل من جميلة وعبد الرزاق عشيقين وهما على سفر. ولما وصلا إلى مراكش ادعت جميلة القيام بدور مومس على الرصيف تحت أشعة الشمس الحارقة التي تنعم بها كالعادة المدينة الحمراء.
لم يمر وقت طويل حتى توقفت سيارة رباعية الدفع من نوع تويوتا بالقرب من جميلة. فقدمت هذه الأخيرة لصاحب السيارة رقم هاتفها. وفي وقت لاحق اتصل بها وحدد معها موعدا.
عند المساء ذهبت جميلة للقاء صاحب “الكات كات”، وصعدت على متن سيارته الرباعية الدفع، وبدأت في الحديث معه، في حين سار صلاح وعبد الرزاق وراءها على بعد بضعة أمتار.
وفي هذه الأثناء باغت صلاح السائق ملوحا بسيفه من النافذة التي كانت مفتوحة. فأدار السائق مذعورا محرك السيارة محاولا الفرار. لكن جميلة أمسكت بعجلة القيادة وأدارتها باتجاه اليمين، فانحرفت السيارة على الرصيف وشلت حركتها. وفي هذه الأثناء تمكن صلاح وعبد الرزاق من إخلاء السائق وأشبعوه ضربا قبل الصعود على متن السيارة والفرار بها باتجاه مدينة خريبكة.
وبعد مرور أيام قليلة، تحالف صلاح وسعيد مع حمزة، ومعا بدأوا يجوبون الدواوير المتاخمة لمدينتي خريبكة وبني ملال على متن السيارة رباعية الدفع المسروقة مسلحين بأسلحة بيضاء، حيث ارتكبوا عدة جرائم في كل من البروج وأولاد عياش وأولاد يوسف وبني وكيل وبوجنيبة.

لكن زاوية الشيخ كانت آخر محطة شاهدة على نهاية غزوات عصابة صلاح وجميلة.
ففي الوقت الذي كان فيه أفراد العصابة متسكعين في أحد مقاهى هذه القرية الهادئة في انتظار حلول الظلام لممارسة إعتداءاتهم، ركن عناصر من الدرك الملكي سيارتهم من نوع “جيب” بالقرب من سيارة تويوتا الرباعية الدفع بشكل شل حركة هذه الأخيرة، ففهم الجناة هذه الإشارة، وأطلقوا سيقانهم للريح. إلا أنه تم توقيف حمزة وأحمد في حين تمكن صلاح وسعيد من الفرار والعودة إلى مدينة خريبكة.
وفي اليوم التالي أخبرهما عبد الرزاق بأن الشرطة والدرك يتعقبان أثرهما، وأنها اكتشفت مخبأهما.
هذه المعلومة أجبرت الهاربان على التوجه إلى مدينة واد زم، حيث استأجرا غرفة أخرى هناك.
ولما كان الهاربان بحاجة لسيارة أخرى، اتصل صلاح بجميلة وضرب معها موعدا بمدينة خريبكة. ففكر في سيارة كولف التي سرقها من المهاجر الشاب عبد العالي، لكن هذا الأخير كان محظوظا لأن سيارته المسروقة تم تحديد موقعها من قبل الشرطة بعد يومين من تركها في زقاق في واد زم حيث تم نصب كمين حولها. وفي الصباح الباكر، جاء صلاح وجميلة فصعدا على متن سيارة الكولف ومن ثمة تم القبض عليهما… إنها نهاية تعيسة للعاشق صلاح وجميلة الطعم..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.