التفاوض تجربة تحتاج إلى الكثير من التعلم والتطوير المستمر
بقلم : حبيب كروم
التنكر لمخرجات الحوار الاجتماعي سلوك يفقد المصداقية في آلية التدبير التفاوضي التي تسعى من خلاله الأطراف المجتمعة حول طاولة التفاوض إلى حلحلة الخلافات و تقريب وجهات نظرهم حول المواضيع التي تكون محور التداول من أجل بلوغ هدف الاستجابة الى مطالب الموظفين والمستخدمين واستتباب السلم الاجتماعي، عادة ما تفعل و تنطلق اطوار جولات الحوار الاجتماعي بمجرد تحديد المكان و الزمان و توجيه الدعوة من طرف الوزارة الوصية الى الشركاء الاجتماعيين بحكم سيادة عنصر الثقة بين الجانبين، كما هو الشأن بالنسبة للحوار الاجتماعي بقطاع الصحة الذي دبر بشكل طبيعي دون شروط او قيود مسبقة والذي استغرق مساحة زمنية كبيرة يترجمها عقد ازيد من خمسون مقابلة بمدن مختلفة افضت جلها الى توقيع محضر اتفاق وقع من طرف الفرقاء الاجتماعيين و وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على أمل مواصلة الحوار فيما تبقى من المطالب العالقة، نتائج الاتفاق كانت موضوع بلاغات صادرة عن الشركاء الاجتماعيين التي تصدرت عناوين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي كبرهان على الثقة السائدة بين الاطراف المتحاورة و تجسيدا للدور الأساسي الذي يكتسيه الحوار الاجتماعي كالية معترف ومعمول بها للتواصل والحوار على حد سواء، لكن التماطل و التقاعس في تنفيذ و تنزيل مضامينه سرعان ما أفقد التفاوض مصدقيته، حيث لن يعود بالسهل تدشين مسلسل الحوار الاجتماعي مجددا في قادم الايام مع الوزارة الوصية بنفس الترتيبات و الضمانات المعتادة، فتأكل عنصر الثقة بسبب الموقف السلبي للحكومة إزاء محضر الحوار الاجتماعي الموقع من طرف ثمانية نقابات الخاص برجال ونساء الصحة،سيجعل الدعوة إلى التفاوض مستقبلا مقرونة بشروط تستوجب حضور ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية تفاذيا للوقوع في نفس السيناريو الحالي الذي على أثره تأججت الاوضاع بسبب مواقف الحكومة السلبية في التعاطي مع مخرجات حوار اجتماعي قطاعي كان ينتظر منه تثمين الموارد البشرية واستتباب السلم الاجتماعي، لكنه على العكس من ذلك خلف تذمرا واحباطا في نفوس مهنيي الصحة من جهة وأفقد الثقة في آلية التفاوض المعتمدة و المتمثلة في الحوار الاجتماعي الذي سيصبح مستقبلا مشروط بمعايير و محددات شكلية قبل الخوض في المحاور موضوع التفاوض.