“بيجيدي”: مذكرة بوعياش حول تعديل مدونة الأسرة تخرق الدستور

متابعة: ع. ف

أكد حزب العدالة والتنمية أن تعديل مدونة الأسرة في إطار المرجعية الإسلامية ليس اختيارا اجتهاديا، وإنما هو الإطار المرجعي الإلزامي الذي تنطلق منه مدونة الأسرة في حد ذاتها.

وأوضح الحزب، في مذكرة حول المقترحات والتوصيات التي تضمنتها مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن مراجعة مدونة الأسرة، أن مقتضيات المدونة تغطي أحكام الزواج والطلاق والولاية والنفقة والحضانة والإرث والوصية وغيرها كما هي مقررة في الشريعة الإسلامية، ولذلك فلا حاجة للتذكير بأن أي تعديل أو تغيير يتعلق بنصوص المدونة ينبغي أن يتم في إطار المرجعية الإسلامية، ولا يقبل نهائيا من مؤسسة دستورية أن تسمح لنفسها باقتراح بعض الأمور التي لا تراعي الأحكام القطعية للشريعة الإسلامية وتتعامل مع مقتضيات الدستور وفق هواها، ولا تلتزم بالتوجيهات الملكية.

وانتقد الحزب جعل المجلس أحكام مدونة الأسرة متحللة من أي قيد أو ضابط ينتسب للمرجعية الإسلامية، من خلال التجاهل التام لطبيعة مدونة الأسرة باعتبارها نصا قانونيا قائما بمقتضى مرجعية الدولة وأحكام الدستور على الشريعة الإسلامية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على المبادئ الموجهة للمذكرة وعلى تشخيصها للاختلالات التي كشف عنها تطبيقها، وبالتالي على المقترحات والتوصيات التي قدمها المجلس، والتي لا تحترم خصوصية المجتمع المغربي المسلم، ولا تلامس الإشكالات الحقيقية التي تعاني منها المرأة المغربية، وتسقط في فخ ترديد بعض الحلول المستوردة من سياقات ثقافية وحضارية لا علاقة لها بحقيقة المجتمع المغربي، وتتعارض مع النصوص الشرعية القطعية بشكل صريح، وتسعى إلى جعل الحرام حلالا والحلال حراما.

ونبه المصدر ذاته، إلى أن المجلس عبر مذكرته، جعل أحكام مدونة الأسرة في حالة تعارض صريح مع مقتضيات الدستور، والتي عرفت في الفصل 32 منه الأسرة بشكل دقيق كما يلي: “الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع.”؛ وحددت الغاية الدستورية من القانون المنظم لها حيث نص على أن: “تعمل الدولة على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها”، وعليه، يقول الحزب، “فإن أي تشريع يعني الأسرة يجب أن ينضبط للتعريف الدستوري للأسرة وأن يسعى إلى تحقيق الغاية التي حددها الدستور للقانون المنظم لها”.

وأضاف أن المذكرة تجاهلت الدستور في التعاطي مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي تبقى مقيدة بثوابت المملكة وبأحكام الدستور، حيث نص الفصل 19 منه على ما يلي: “يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها”، والتزام المغرب في ديباجة الدستور ب”جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.”؛ هذه الهوية الوطنية التي “تتميز بتبوإ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها”، وفقا لديباجة الدستور.

وشدد الحزب في مذكرته على أن المجلس تعامل بقبول ميكانيكي للتوصيات والتعليقات المرتبطة بآليات المعاهدات الدولية، دون مراعاة الممارسة الاتفاقية المغربية التي تتحفظ على جميع التوصيات المخالفة للشريعة الإسلامية في المحافل الدولية، وضدا على الأجوبة الرسمية المغربية على التوصيات الموجهة إليه في مجلس حقوق الإنسان بجنيف في نونبر 2022 بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل، والتي صدرت في مارس 2023، وهي أجوبة تكشف عن ممارسة اتفاقية تنتصر لثوابت المغرب ومرجعيته الدستورية، حيث تتوزع بين توصيات مقبولة باعتبارها مفعلة أو في طور الإعمال، وتوصيات مقبولة جزئيا من خلال الالتزام بدراستها، دون أن يلتزم بتعديل قوانينه المتعلقة بها، وتوصيات مرفوضة كليا وعلل المغرب رفضه بقوله: “وفي جميع الأحوال، تجدد المملكة المغربية تأكيدها على تعارض الأجزاء المرفوضة في هذه التوصيات المركبة، جزئيا أو كليا، تبعا للحالة، مع الثوابت الجامعة للأمة المغربية، ومرتكزات الممارسة الاتفاقية للمملكة المغربية في مجال حقوق الإنسان”.

وأضاف، غير أن مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان تعطي الأولوية للمرجعية الدولية، وعند الخلاف والتعارض بين هذه الأخيرة والمرجعية الإسلامية أو أحكام الدستور، لا يتوانى المجلس في أن يجعل الأولى تسمو وتكون حاكمة على المرجعية الإسلامية، ضدا على السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني، ودون اعتبار لمكانته الدستورية ولمرتكزات الممارسة الاتفاقية للمغرب والتي كانت وما تزال تحتفظ لبلدنا بحق التحفظ والتمايز وعدم الاستنساخ الحرفي لما يصدر من توجهات تعكس خصوصيات وأنماط حضارية لشعوب أخرى، وهو ما يجعل مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تخرق بشكل جسيم الدستور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.