تقرير للمجلس الأعلى للحسابات يفضح تقصير وزارة السياحة وعدم اهتمامها بتطوير قطاع السياحة الداخلية
* متابعة : هيام بحراوي
كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2022- 2023، الصادر في الجريدة الرسمية عن مجموعة من الاختلالات والنقائص التي تم تسجيلها في القطاع السياحي، وتقصير وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تطوير السياحة الداخلية وتخلفها عن إنجاز باقي المشاريع المبرمجة ضمن مخطط بلادي، من أجل إنعاش السياحة الداخلية وتقديم عرض سياحي يستجيب لتطلعات السياح المحليين، مشيرا إلى أن العروض التي يقدمها القطاع لا ترقى لتطلعات السياح المحليين.
وفي الوقت الذي تعترف فيه رئاسة الحكومة بضرورة وضع تصور جديد للعرض السياحي يأخذ بعين الاعتبار احتياجات وتطلعات السياح الداخليين، جاء تقرير مجلس زينب العدوي، ليؤكد ” أنه بالرغم من الانتعاشة التي عرفتها السياحة الداخلية في السنين الأخيرة، فإنها ما زالت تواجه مجموعة من التحديات المرتبطة أساسا بتنويع العرض السياحي الوطني وملائمته لتطلعات السياح الداخلين، والرفع من تنافسية المنتوج السياحي وملائمة الأسعار مقارنة بالخدمات المقدمة”.
وفي هذا الصدد، أوضح الزوبير بوحوت الخبير في المجال السياحي، في تصريح لموقع “معكم24” أن الغائب الأكبر في خريطة الطريق التي تقوم بإعدادها وزارة السياحة هوالسياحة الداخلية، مشيرا أن الوزارة “تتجاهل” وفق تعبيره، مجموعة من التقارير التي توصي بأهمية السياحة الداخلية، منها تقرير النموذج التنموي وتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي .
وأضاف المتحدث ، أنه يظهر من خلال المعطيات التي وردت في تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن وزارة السياحة تظهر اهتمامها بالسياحة الداخلية من خلال البلاغات التي تصدرها والتي لا علاقة لها بأرض الواقع.
ونوه بوحوت، بمخطط بلادي الذي كانت بداياته سنة 2007 والذي عرف تعثرا ولم يكتب له الاستمرار، والذي اعتبره فرصة سانحة، كانت ستوفر نوادي ومحطات سياحية موجهة للمغاربة تتلاءم مع قدرتهم الشرائية خاصة في فصل الصيف الذي يعرف طلبا متزايدا وارتفاعا مهولا في أثمنة الفنادق .
وطالب بوحوت بإحياء مشروع بلادي وإنشاء محطة سياحية في كل جهة من جهات المملكة.
وحسب التقرير فإن مخطط بلادي، الذي يندرج ضمن رؤية 2020، والهادف الى إنشاء ثماني(8) محطات سياحية بسعة إجمالية تبلغ39.788 سريرا، لم ينجز مع متم 2022، سوى ثلاث محطات فقط، وهي محطات إفران (5.772 سريرا)، وإيمي وادار-أكادير (6.844 سرير) والمهدية (4.360 سريرا) بسعة إجمالية تبلغ 16.976سريرا، أي ما يشكل 39 في المائة فقط من الأهداف المسطرة.
وسجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي، تأخرا ملحوظا في إنجاز مشاريع السياحة القروية والسياحة البيئية المسطرة في برامج العقود الجهوية، كما لاحظ تعثرا في تطوير الاقامات العقارية الموجهة للإنعاش السياحي، بالرغم من الحوافز المادية التي تتعلق بالإقامات العقارية للإنعاش السياحي، حيث إن الإنجازات خلال الفترة، 2011-2020، لم تمكن من تحقيق هدف 40 ألف سرير المخطط له في أفق 2020، حيث ارتفع عدد هاته الاقامات من إقامة واحدة إلى 11 إقامة فقط، بسعة استيعابية انتقلت من ألف إلى 3 آلاف سرير، أي ما يقل عن 9 في المائة من الهدف المنشود.
ومن أجل الارتقاء بالسياحة الداخلية وجعلها ركيزة أساسية للقطاع السياحي ورافعة للاقتصاد الوطني ولنمو مستدام، أوصى المجلس الأعلى للحسابات وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بإحداث مديرية مركزية مخصصة للسياحة الداخلية، مكلفة بالقيادة الاستراتيجية والتنسيق بين المؤسسات المعنية بتنفيذ استراتيجية الوزارة في مجال تطوير السياحة الداخلية، وإعادة النظر في الحكامة الترابية لمشاريع تنمية السياحة الداخلية من خلال تعزيز دور الأجهزة العمومية اللاممركزة في تتبع إنجاز مشاريع التهيئة والإنعاش السياحي وكذا التنسيق بين الأطراف المعنية على المستوى الترابي.
كما أوصى بتوفير عروض سياحية ملائمة لتطلعات السياح الداخليين، متنوعة وموزعة على جميع الوجهات السياحية الوطنية، من خلال تنشيط مشاريع ” بلادي” ومشاريع تطوير السياحة القروية والسياحة المستدامة، وتعزيز النقل الجوي الداخلي عبر توفير خطوط جوية إلى مختلف الوجهات السياحية الوطنية بأسعار مناسبة للقدرة الشرائية للسياح الداخليين.
وأكد التقرير على ضرورة وضع استراتيجية تواصلية تجعل من السياحة الداخلية قطاعا ذا أولوية، مع تحديد أهداف على المدى القصير والمتوسط والبعيد وتجاوز الطابع الموسمي للانشطة الترويجية المخصصة للقطاع، والعمل على تسريع تنزيل شيكات السياحة كإحدى التدابير الرئيسية لدعم السياحة الداخلية، والإشراك الفعلي لوكالات الأسفار في تطوير السياحة الداخلية، من خلال إعادة هيكلة خدماتها المخصصة للسياح المحليين، ودعم إحداث مهنة منظم رحلات وطني.
ودعا التقرير إلى إيلاء أهمية خاصة لتسوية وضعية مؤسسات الإيواء السياحي غير المصنفة وتبني تدابير مواكبة للمؤسسات المعنية من أجل تحديثها وتنظيمها، وعند الاقتضاء، تطبيق الإجراءات الزجرية المنصوص عليها في القانون رقم 61.00، وتسريع تنزيل الإطار التنظيمي للإيواء عند الساكن لاسيما اعتماد دفتر التحملات لاستغلال الإيواء عند الساكن.