إعداد:عزيز فتحي
في ضواحي مدينة المحمدية، وتحديدا بالقرب من الطريق السيار، داخل النفوذ الترابي لجماعة بني يخلف، وهي جماعة قروية، توجد تجزئة اختار لها أصحابها من الأسماء “جنان الزيتون”، مع أنه للمفارقة لا توجد لا جنان ولا زيتون.
تغيب في هذا الحي أغلب المرافق الضرورية، حيث تنعدم النظافة، وتنتشر جحافل من الكلاب الضالة التي تفرض قانونها في الليل وفي الساعات الأولى من الصباح
تجزئة جنان الزيتون تمتد على مساحة شاسعة، حيث تضم عدة أشطر، وأصبحت اليوم تضم ساكنة تعد بالآلاف، هي في حاجة إلى المرافق الضرورية للعيش، والخدمات التي لا غنى عنها لأي تجمع سكاني من هذا الحجم، من قبيل تعليم لجميع المستويات، وصحة، ووسائل نقل متاحة في جميع الأوقات، ولا سيما سيارة الأجرة من الحجم الصغير، ومحيط نظيف، لكن قبل كل شيء يجب توفر الأمن، الذي يأتي في قمة الحاجات الإنسانية.
وهنا بيت القصيد، إذ تغيب في هذا الحي أغلب المرافق الضرورية، حيث تنعدم النظافة، وتنتشر جحافل من الكلاب الضالة التي تفرض قانونها في الليل وفي الساعات الأولى من الصباح.
في هذا الروبورتاج سنحاول تسليط الضوء على الاختلالات والنقائص التي يعاني منها هذا الحي وتلقي بظلالها على جودة الحياة. من خلال استقاء آراء شرائح مختلفة من السكان، كما سنقوم بمعاينة ميدانية للاطلاع، عن كثب، على المرافق الموجودة، والاختلالات التي تجثم على السكان وتمنعهم من التمتع بحياة كريمة.
المدرسة الابتدائية.. الغائب الأكبر
كيف يعقل أن يكون حي بهذا الحجم وبهذه الكثافة السكانية بلا مدرسة؟ هكذا بادرتنا نجاة عند استفسارنا لها عن معيقات الحياة في حي جنان الزيتون.
وقالت: “المدرسة الابتدائية الأقرب توجد على بعد حوالي كيلومترين، لذا نضطر لمراقة فلذات أكبادنا، لكوننا نخاف عليهم من أخطار الطريق حيث وقعت العديد من حوادث السير، كما يمكن أن يقعوا ضحية اعتداء أو تحرش من بعض المنحرفين. والأمر يزداد صعوبة في حال هطول الأمطار حيث نضطر في بعض الأحيان إلى إبقائهم في البيت فالطريق تكون مقطوعة نتيجة البرك والأوحال، مع ما يعنيه ذلك من هدر مدرسي يكون ضحيته أبناؤنا، الذين من حقهم الحصول على تعليم جيد مثلهم مثل أقرانهم في ربوع الوطن”.
وزادت: ” صراحة توجد في الحي ثانوية إعدادية، لكن كان من الأولى توفير مدرسة ابتدائية لأن الأطفال صغار السن لا يمكنهم قطع مسافة طويلة”.
الأمن والنقل.. المعضلة الكبيرة
كون هذا الحي يتبع لجماعة قروية جعله في دائرة نفوذ الدرك الملكي، ورغم الجهود التي يقوم بها هذا الجهاز، فإن ذلك يبقى غير كاف لاستتباب الأمن نظرا لشساعة الجماعة التي أصبحت تشهد توسعا عمرانيا وتعدادا سكانيا هائلا، لذا فمطلب دخول الأمن الوطني أصبح ملحا أكثر من أي وقت مضى.
الأمر نفسه ينطبق على النقل حيث لا وجود لسيارات الأجرة الصغيرة، رغم أن كل المرافق الإدارية والخدماتية توجد على بعد مسافات لا يستهان بها.
أينما وليت وجهك، تلاحظ انتشار الأزبال.. أمام المنازل ووسط الطرقات
انتشار الأزبال والكلاب الضالة
أينما وليت وجهك، تلاحظ انتشار الأزبال.. أمام المنازل ووسط الطرقات، فخدمة جمع النفايات غير متوفرة في هذه التجزئة، واستعاضت الجماعة عن ذلك بوضع مكب نفايات وحيد في نقطة محددة تعتبر بعيدة نسبيا عن العديد من السكان، بينما يعيش المجاورون لهذا المكب جحيما لا يطاق. “مكب النفايات حل غير ملائم فهو يعتبر نقطة لتجمع الكلاب الضالة، وعندما لا يتم تغييره تنتشر النفايات حوله بشكل مهول” تفيد سعاد من سكان الحي، قبل أن تضيف: “نحن نؤدي ضرائب فمن حقنا أن نعيش في وسط نظيف بدل تكبد هذه المعاناة يوميا”.
لا يوجد هنا مكان لتزجية الوقت فقط المقاهي حيث يقبل البعض على تدخين المخدرات للهرب من واقع بئيس”
الشباب واليافعون الفئة الأكثر تضررا
عند تجوالنا في الحي لم نجد شيئا اسمه دار الشباب أو ملاعب القرب أو حديقة فهذه المرافق تعتبر حلما بعيد المنال بالنسبة إلى شباب المنطقة.
المرفق الوحيد الموجود هو مركز لتصفية الكلى ” الدياليز” من تمويل المبادرة الوطنية.
“نقضي سحابة يومنا هائمين وسط الدروب وبين الحقول المجاورة. لا يوجد هنا مكان لتزجية الوقت فقط المقاهي حيث يقبل البعض على تدخين المخدرات للهرب من واقع بئيس”. يفيد محمد أحد شباب الحي، واستطرد قائلا: “إننا مهمشون، ولا ندري هل نعيش في قرية أو مدينة”.
“جدار” الفصل
في ظل انعدام المرافق، كان السكان يلجؤون إلى إحدى القطع الأرضية التي تعود لإحدى الشركات من أجل قضاء بعض الوقت وسط الخضرة ولعب الأطفال، لكن أحد الفلاحين، الذي دأب على استغلال القطعة الأرضية في الرعي وفي الوقت نفسه حراستها، عمد مؤخرا إلى تسييجها، إمعانا منه في “معاقبة” السكان الذين اختاروا الإقامة في هذه التجزئة، بعد أن تجرؤوا على مزاحمة بقراته، ولسان حاله يقول: بهائمي ومن بعدي الطوفان.