قصف وقنص وحصار بالدبابات.. مستشفيات غزة تحت النار
عبر القصف الكثيف والقنص المركز والمحاصرة بالدبابات تمادى جيش الاحتلال الإسرائيلي في تحدي أبسط أعراف القانون الدولي الإنساني باستهدافه المتواصل للمستشفيات ومحيطها في قطاع غزة الذي يتعرض لليوم الـ36 لعدوان دموي خلّف آلاف الضحايا.
وكانت الأيام الماضية الأكثر دموية، فقد شن جيش الاحتلال حملة وحشية على المؤسسات الطبية أوقعت عددا كبيرا من الشهداء والجرحى بين الطواقم الطبية والمدنيين المرابطين في المشافي بحثا عن بقعة أمان تحميهم من كثافة القصف اليومي الذي يدك شمال القطاع.
وضرب الاحتلال عرض الحائط كل التحذيرات من حدوث كارثة إنسانية تضع القطاع الصحي المتداعي أصلا على حافة الانهيار، في ظل نقص الوقود لتشغيل مولدات الكهرباء والعدد الهائل من الجرحى ضحايا الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر الماضي.
ويشهد مجمع الشفاء الطبي وسط مدينة غزة -وهو الأكبر في القطاع- أكثر المآسي قتامة، إذ تواصل قوات الاحتلال تصعيد هجماتها وقصفها المكثف على محيطه وبوابته وقرب ساحته.
وعلى مدى الأيام الماضية شهد المجمع توافد نازحين من شمال القطاع في طريقهم إلى جنوبه، وكانوا داخله ضمن آلاف آخرين، وذلك على خلفية بلاغات وإنذارات إسرائيلية تطالب بإخلاء شمال القطاع.
ويتعرض المجمع ومحيطه لاستهداف مستمر بالقصف من جانب جيش الاحتلال بزعم وجود مقر للمقاومة فيه، وهو ما نفته حكومة غزة مرارا.
وكان مبنى العيادات الخارجية في المجمع تعرض لقصف نفذته طائرات الاحتلال، مما أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والجرحى، ويعتبر هذا الاستهداف هو الرابع للمجمع منذ فجر أمس الجمعة.
وفي اتصال مع الجزيرة قال مدير وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش إنهم محاصرون داخل مستشفى الشفاء ومضطرون لحفر مقبرة جماعية لدفن أكثر من 100 جثة موجودة في ساحاته، لأنهم لا يستطيعون الخروج لدفنها.
ومن داخل مجمع الشفاء سجل طبيب فلسطيني مقطع فيديو يكشف فيه تدهور الوضع داخل قسم الطوارئ وانهيار مستوى الخدمات في المجمع الأكبر في القطاع.
من جهته، قال مدير المجمع محمد أبو سلمية للجزيرة إن مخزونهم من الوقود سينتهي اليوم، وحذر من توقف خدمات المستشفى تماما إذا لم يدخل إليه الوقود.
وفي السياق، قالت منظمة أطباء بلا حدود إن القصف تكثف على مستشفى الشفاء بشكل كبير خلال الساعات القليلة الماضية.
ونقلت المنظمة عن الدكتور محمد أبو مغيصب المسؤول بالمستشفى أنه “منذ صباح اليوم توقفت العديد من الطواقم الطبية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود عن العمل في المستشفيات المدعومة في مدينة غزة بسبب القصف المستمر”.
يذكر أن مستشفى الشفاء هو المرفق الصحي التشغيلي الرئيسي في مدينة غزة الذي يقدم الرعاية الطارئة والجراحية، ويوجد داخله مئات المرضى والمدنيين النازحين.
نداء استغاثة
بدورهم، بث نشطاء نداء استغاثة من داخل مستشفى النصر للأطفال المحاصر منذ 4 أيام، وداخله مرضى من الأطفال، بينهم أطفال في العناية المركزة، إلى جانب عدد من النازحين.
وفي مستشفى العودة شمال غزة أظهر مقطع فيديو التقطه أحد الأطباء آثار القصف الإسرائيلي الذي استهدف ليلا المستشفى ومحيطه.
ووثق الفيديو حالات لمرضى وموظفين أصيبوا بالقصف، فضلا عن أضرار لحقت بسيارات الإسعاف والسيارات التابعة للمستشفى وللموظفين ودمار خارجي أحدثه القصف الإسرائيلي.
وشهد مستشفى القدس -الذي يسمى أيضا مستشفى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني- سقوط ضحايا إثر استهدافه من قبل قناصة إسرائيليين.
وأظهرت صور من داخل المستشفى فشل الطواقم الطبية في إنقاذ مصاب في قصف إسرائيلي بسبب انقطاع الكهرباء بعد نفاد الوقود.
ويشهد مستشفى الرنتيسي للأطفال بدوره حصارا منذ أمس الجمعة، وتتمركز الدبابات الإسرائيلية في محيطه، وحذر مديره من قرب حدوث كارثة وعجز المستشفى عن تقديم أي خدمة.
انقطاع الكهرباء
وفي تطور لافت خلال الساعات الماضية انقطع التيار الكهربائي عن أقسام المستشفى الإندونيسي بشكل كامل، وتوقفت كافة العمليات الجراحية فيه مع استمرار القصف بمحيطه.
وقال نازحون من غزة وصلوا إلى محيط مستشفى ناصر في خان يونس جنوبي القطاع هربا من القصف الإسرائيلي إن قوات الاحتلال قصفتهم بالدبابات وهم في طريقهم إلى المستشفى.
كما قال شهود عيان وصلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة إن قوات الاحتلال قصفت نازحين في شارع صلاح الدين كانوا في طريقهم إلى جنوب وفي السياق، وصف المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة في بيان منفصل نشرته الوزارة أن القصف في محيط المستشفيات في مدينة غزة وشمال القطاع بأنه “جنوني”.
من جانبها، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر -أمس الجمعة- أن الدمار الذي يلحق بالمستشفيات في غزة أصبح لا تحتمل، ويجب أن يتوقف.