عهد الريع الجمعوي انتهى في مدينة انزكان..

نصت الوثيقة الدستورية التي صادق عليها الشعب المغربي في استفتاء الفاتح من يوليوز 2011 على الدور الأساسي الذي يلعبه المجتمع المدني في إطار الديمقراطيةالتشاركية. وأكدت على حقه في تقديم العرائض وملتمسات تشريعية.والمساهمة في بلورة السياسات العمومية.
و أكد الدستور في إطار الأحكام العامة للباب الأول منه وخصوصا الفصل 12 على أن جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية تؤسس وتمارس أنشطتها بحرية في نطاق احترام الدستور. وقد كان تجاوب العاهل المغربي سريعاََ مع هذا الحراك. كما أكد على ذلك في خطاب التاسع من مارس على فتح ورش الإصلاح الدستوري وفق مبادئ توسيع سلطات الحكومة والبرلمان وربط المسؤولية بالمحاسبة. وبذلك تقرر مطلب تغيير الدستور كمدخل لإسقاط الفساد وتحقيق التحول الديمقراطي والتنمية المنشودة.
ومن أجل تحقيق تنمية متوازنة’ لابد من محاربة ظاهرة الفساد الإداري منه واقتصاد الريع.والذي يهددان الكيان الإجتماعي ويعيق عمليات التنمية التي تسعى الدولة إلى تحقيقها. وكذلك دور التربية والتكوين التي تلعب دورا هاما في عملية التنمية والتي تعدل نظام القيم والإتجاهات بما يتناسب مع الطموحات التنمية.
حيث ظهرت في السنوات الأخيرة ظاهرة غير صحية لما تحمله من مخاطر وسلبيات تسيئ للإدارة الدستور. سلوكيات غير سوية ترتكب من لدن من يعتقد أنهم نخبة المجتمع وأمل الطبقات الهشة في النهوض بالتنمية والإستقرار. وقد استفاد هؤلاء من جو الحرية وتشجيع الإنخراط في المجتمع المدني.
غير أن شريحة واسعة من المنتسبين إلى هذه النخب لاتربطهم بالعمل الجمعوي إلا الخير والإحسان. كما اعتبروا العمل الجمعوي وسيلة للإسترزاق المادي والمعنوي ونيل مكاسب مادية والتقرب من المسؤولين ليفوز بالحضوة لديهم. وتفتح له أبواب الإدارة. حيث تحولوا إلى خدام مطيعون يعملون لصالح جهات معينة لحساب أجندة خاصة، هدفها الأسمى السمسرة والإسترزاق. فانحرفوا عن المسار الحقيقي في تخليق الحياة العامة.
واعتبرت هذه الطبقة العمل الجمعوي الطريق السهل نحو الغنى السريع. والأمثلة على ذلك كثيرة أبرزها ما عايشه المجتمع الإنزكاني في عهد مسؤول الإدارة الترابية السابق، و الذي لم يحترم ذلك التحول الديمقراطي وتعزيز صلاحيات الدستور المغربي. وأعانه عليه قوم تسللوا بين مقتضيات الوثيقة الشعبية ليبدأوا مسلسلهم الإجرامي في ابتزاز الطبقات الهشة التي تتطلع لمستقبل مهني مهيكل. واستطاعوا إقناعهم بارتيادهم السلس إلى مكتب ذلك المسؤول. والذي جعل عملية الولوج إليه بمثابة سحر أغشى أبصار المواطنين العوام.
وهكذا تأسس الريع الجمعوي في مدينة انزكان.. وحين يتم الإخلال بهذه القاعدة تتحرك آلة الإبتزاز حتى لايتوقف صبيب هذا الريع وخلق جمعيات صفراء من أجل التضييق على الأنشطة المنظمة من طرف الجمعيات الجادة والمسؤول الحالي’ الذي تكرس منذ اليوم الأول من تعيينه لوقف هذا النزيف ووضع برامج للنهوض بتنمية متوازن، يتناسب مع طموحات المجتمع. وبعد وصد الأبواب في وجه المرتزقة والتي اعتبروها اغتصاباََ لمبدأ المقاربة التشاركية’ أصدروا بيانات حول مواقفهم و نفضوا الغبار عن أقنعتهم القديمة ليبدأوا موسماََ جديداََ للصيد… وحتى لا تتكرر مثل هذه السيناريوهات  ينبغي العمل على وضع برامج للنهوض بثقافة المساءلة داخل الجمعيات.
إذ خلص التقييم الذي طرحه تقرير التنمية الأخير إلى أن الإحساس بالإفلات من العقاب قد شجع على التلاعب بالمال العمومي’ ودفع إلى تكرار هذه الأساليب الدنيئة في العمل الجمعوي بشكل كبير. لذا يجب على الدولة في ذات السياق اتخاذ قرارات فورية وتحويل ملفات المتلاعبين إلى القضاء للفصل فيها، وذلك لوضع حد للنفوس المريضة حتى لا يشوهوا العمل الجمعوي و النقابي كذلك بفعل كمشة من المرتزقين أو بفعل استغلال النفوذ ومراكز القرار لإجهاض المشاريع التنموية..وهكذا يتضخ بأن التدخل لوقف هذا النزيف هو فعلاََ من مسؤولية الدولة لأن المشكل أصبح مطروحا بإلحاح ويتطلب تقنينا وتنظيما صارما وشفافا’، وكذا خلق لجان خاصة بالمراقبة ومتابعة المشاريع وتكون تابعة للجهات المركزية ولأجهزة مستقلة وليس للمسؤولين بالعمالات و الأقاليم، حتى لا يتم الضغط عليها أو التأثير على عملها.
-رضوان الصاوي

معكم24 
* بتصرف *
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.