النفــــــاق الاجتمـــــــاعي
بقلم: نادية بنصالح
هناك مقولة مشهورة عند الساكنة الرباطية خاصة الشعبية منها لياسين الركراكي الملقب ب : (القرع) وهو حكواتي ونجم الحلقة بامتياز وصانع الفرجة بمدينة الرباط، كان غالبا ما يرددها “القوم إذا همت رغبتهم أكل أي نبتة، أطلقوا عليها إسما” وفي ثقافتنا الشعبية ما أكثر البقوليات التي تؤكل (الخبيزة، الرجلة، كرينبوش، …) مقولة تحمل الكثير من الدلالات والمعاني، ففعل أكل مرتبط بالإسم، والغاية في جوهرها إشباع الرغبة أي المصلحة، معنى بسيط لكن لبه هو الفكر الميكيافيلي، هذا المعنى ينطبق على مجموعة من التسميات التي أدخلت في قاموس الشبكة المجتمعية لأجل تنميق وزركشة التفاعلات الهدامة، فلأجل شرعنة النفاق ذو المعاني القبيحة لتفاعلات الكذب، الغش، الخيانة، التحايل، التملق، الغدر، … أضيفت للنفاق كلمة اجتماعي لصبغه بشيم النبالة كالأدب، اللباقة، الكياسة، الحكمة، التواصل، … والغاية هو العيش وسط الكل متظاهرا (المنافق) بالتفهم لجميع المواقف وإن تعارضت مع بعضها أو حتى معه، جاعلا من الحياد الورقة الرابحة عند الإدلاء بها، لكن الأصل المخفي هو انتهازيته. والحياد هو التظاهر بالمسالمة للوصول إلى غايته، الكل محق رغم الاختلاف البين، مواقفه دائمة التشتيت والتفرقة والدعوة للتوافقات الهشة، لأن كنه لباس الحكمة الذي يرتديه هو الهدم وإضعاف المكونات المختلفة لإنعاش الفكر الإنتهازي والوصولي وتلويث وتسميم محيط الفكر الباني والهادف. بهذا الفعل توجه سهام الغدر للإرادة الصالحة ويخلق جو من الإحباط واليأس وعدم الثقة والتشكيك في القدرات و….
والنفاق اصطلاحا وشرعا يحدد في ثلاث : الكذب، الخيانة، وعدم الوفاء وتلك آيات المنافق أي الفرد الذي لا يصدق قوله، لا يؤتمن جانبه ولا يعهد وعده، سلوكات كلها قبح ومكر ورذيلة ومساوئ لا يقبلها عقل سليم ويحتاط المتعامل معها.
لكن المتغير بتجميل إسم النفاق بإضافة الاجتماعي أصبح الصالح طالحا والطالح صالحا، لأن كلمة اجتماعي هي البهارات التي تضاف للمرق لتعطي نكهة لذيذة للمتذوقين (وهم كثر) ما يهمهم هو اللذة فقط دون الجودة والمنفعة للجسد.
عبارة النفاق الاجتماعي هي حيلة العصر، فالنفاق نفاقا رغم ان آياته الثلاث طورت أساليبها وتسلحت بالمكر والحيل والخبث لإيهام المغرر بهم والقبول بالعيش مع المنافق الذي أصبح يعتمد في تفاعلاته على أدوات الخديعة كالتظاهر بعكس ما يبطنه في صدره، إخفاء النوايا، الحل الوسط، التكيف، المراوغة، عدم الإفصاح عن المكنون….
قال الشاعر صالح بن عبد القدوس:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب.
…/…