التطوع

بقلم: نادية بنصالح

عرف المغاربة بعملية استفردوا بها بين الأمم تسمى التويزة وهي عملية اتفاق جماعي على التعاون والتكافل للقيام بأشغالهم الكبرى محددة بالزمان والمكان على سبيل المثال (الحرث، الحصاد، الدرس، جني المحصول….)
اتفاق الغرض منه ربح الوقت والجهد وترشيد وتوفير النفقات، مبني على روح تطوعية في عمل جماعي تشاركي، تتساوى فيه الحظوظ في العمل، مدركين أنهم عقد= أفراد تترابط فيما بينها لتنمية محيطهم والرفع من مستوى عيش أسرهم وتوطيد العلاقات الإنسانية فيما بينهم، عملية لا تكلفهم سوى (عشاء كسكس) عند صاحب الدور، وهكذا دواليك طيلة السنة ليحتفلوا في شهر غشت بتنظيم مواسم قبلية تتوج باجتماع للتخطيط لبرنامج السنة الموالية، والتويزة هي عمل تطوعي في قمة العقلانية.
والتطوع قيمة نبيلة تظهر التضحية في أسمى معانيها وتجلياتها، لا مكان فيها للتزايد ولا للرياء ولا المن؛ بل هو مبادرة لشحذ الهمم للقيام بعمل مجتمعي صالح، تضامني، تكافلي… والمشاركة جنبا إلى جنب بين جميع العقد= الأفراد في عمل جاد وهادف لا مجال فيه للاتكال أو المحسوبية أو الانتهازية… بل – للاقتباس فقط- وكما جاء في القرآن الكريم “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون” صدق الله العظيم.
فبعث روح العمل التطوعي الصادق سلوك لا مناص منه لتحقيق المنفعة العامة وتوطيد الإحساس في كل مجال من المجالات بقيمة العمل الجماعي المنجز (داخل الشبكة االمجتمعية) على أنه شأن ذاتي (العقدة =الفرد) يجب الاهتمام به ورعايته والحفاظ عليه وصقله كلبنة من لبنات الوطن الراقي.

قال الشاعر طرفة بن العبد:

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني
عنيت فلم أكسل ولم أتبلد.

…/…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.