السعــــــي
بقلم: نادية بنصالح
من الأمور الطبيعية التي تقيم التفاعل البشري الإخفاق والنجاح وهما نتيجتان حتميتان للمحرك الأساسي الذي يخطط و يوجه الإرادة التفاعلية للإنسان مهما اختلفت، محرك يتمثل أساسا في السعي وهو كلمة ذات دلالات عميقة لأنه مرتبط بتغذيته بالامور الغير ملموسة للتفاعل البشري بل بأشياء تعبر عن المكنونات التي يصعب على الإنسان لمسها وحتى في الكثير من الأحيان الإحساس بها، مكونات يسميها الدين “النية” والعلم “العقل الباطني”.
الإخفاق والنجاح كلمتان متضادتان يلتقيان في كلمة وحيدة -السعي- هي من تحدد قيمتهما، فالإخفاق في التفاعل ليس بالعيب والمثل يقول “ليس العيب أن تقع إنما العيب أن تظل حيث وقعت” كما أن النجاح ليس هو الأهم إذا لم تدرك الغاية منه، الأهم هو الإرادة البشرية التي تؤطر وتوجه بالسعي للتفاعل الذي يكون محمودا إذا كان من يغذيه -النية ، العقل الباطني- تغذية سليمة لأن المخفق يسعى بالإرادة للمحاولة بالنهوض وإعادة التجربة مع أخذ الدروس والعبر، والناجح يسعى لتطوير نجاحه أو على الأقل الحفاظ عليه، لكن إذا كان المكنون البشري عليلا بالحسد والغل والحقد والضغينة فتغذيته للسعي في تفاعله لا تكون إلا بأمور سلبية ومدمرة حتى في النجاح، مكونات غذائية للسعي في التفاعل غالبا ما تتحكم فيها الأنانية، التكبر، الغرور، الفردانية، الانتهازية، الاتكالية، تحطيم الآخر…؛ وقاموسه اللغوي صرفا مرتبط بالأنا إيجابا وسلبا بالمخاطب والغائب.
والسعي بهكذا تغذية يشكل خطرا ليس فقط على العقدة/الفرد نفسه، بل حتى على الشبكة المجتمعية، فهو بمثابة النار في الهشيم تكون حصيلته الفشل حتى وإن نجح؛ وبذلك يكون اعتبار تغذية السعي بالحسد والغل والحقد والضغينة كحطب للفشل، ومآل الحطب جمر و نهاية الجمر الرماد المحتوم بتناثره في الهواء، وبذلك فمسيرة وجود العقدة/الفرد الحاقد، الحاسد…في الشبكة المجتمعية ليس لها وزن تفاعلي بل هي كريشة في مهب الريح طائشة.
قال الفيلسوف ماركوس أوريليوس:
“السعي في حد ذاته إلى الفضيلة فضيلة”.
…/…