الحساب صابون
-على مر العصور، كان ما يحدد التعامل البشري منطق رياضي يجمل مجموعة من التساؤلات التي غالبا ما تبتدئ ب : لماذا، كيف، كم، ماهية…. لمعرفة نتيجة أي تفاعل يمارس إن على العقدة/الفرد أو منه أو ما يدور حوله؛ عملية رياضية يمكن القول عنها أنها في الأصل منهج تعاملي علمي أسس عبر مر الزمان (قراءات تاريخية، تجارب إنسانية، أفكار فلسفية، إيديولوجية،….) أي بالمعنى المعاصر دراسة وتحليل، وبالمنظور الشعبي حسب كلام حكماء السلف الصالح “الحساب صابون”.
“الحساب صابون” مثل يتكون من كلمتين لهما دلالات ومعاني وغايات عميقة وشاملة، حيثما ذكر إلا وعبر عن المعقول والجدية والمصداقية و الالتزام،…. بمعنى آخر هو عقد تعاملي شفهي يلزم الصدق والإخلاص والوفاء والإيمان بالعدل والاختلاف ( النوع، اللون، الاعتقاد،…) وحقوق الآخر و….؛ الحساب لغويا هو عملية عد، طرح، زيادة، قسمة، ضرب، ….وبخصوص المثل لغويا هو كلمة مجازية تعبر على ما هو نقدي (الصنك=النقود)، عملي، معنوي، أي ما عرف بالتفاعل الإنساني؛ والصابون رمز للنقاء، الطهارة، الوضوح، الشفافية،… كلمتان خفيفتان على اللسان عظيمتان في التفاعل البشري، مرتكزتان أساسا على “الثقة” والتعامل بالمثل حسب أبجديات الحساب “هاك وارا /خذ و اعطني، اعطني نعطيك” لأن أي تفاعل في المنظومة المجتمعية هو تفاعل جدلي إذ لا يمكن لأي عقدة أن تعيش منعزلة أو قاصية خارج الشبكة المجتمعية.
فالحساب صابون -علاقة متانة وترصيص اللبنات المجتمعية- مفهوم للأسف أصبح كما هو الشأن لمجموعة من القيم النبيلة مفروغ من معانيه ودلالاته المرجوة منه، إذ حسب التفكير القاصر (المسخر) أصبح يفهم منه ويشاع به فكر استغلالي، انتهازي، ابتزازي،… وأصبح الحساب يعني النقود، المصلحة، … والصابون يعني ” قشور البنان/الموز” أي إشاعة الرذيلة باستغلال الثقة وحسن النوايا وصدق المعاملة،…. بعلة غباء الطرف الآخر وذكاء الفكر القاصر، هذا الأخير -الذي شحذ ليسخر بحجة الغاية تبرر الوسيلة؛ معتقدا أنه الوحيد الذي يمتلك الآلة الحاسبة- غير مدرك أن العقل البشري هو متساو وأن لكل عقدة/فرد آلته، وغير واع أنه بتسخيره جعل نفسه في عملية رياضية شاملة خاصة بالطرح (طرح النفايات)، لا يشعر بها إلا عندما يجد أنه حكم على نفسه حتميا بالإقصاء وأن ربحه كان مؤقتا ومحدودا ليصدم بخسارة نفسه ووضعه داخل المنظومة المجتمعية. إذ البقاء في العملية الحسابية يستوجب الزيادة لتنمية الناتج وليس الطرح فالأمور بخواتيمها والمنطق يقول :
لا يصح إلا الصحيح وكل ما بني على باطل فهو باطلا.
…/…