منظمة العفو الدولية تتهم اسرائيل بارتكاب جرائم “فصل عنصري” ضد الفلسطينين وواشنطن ترفض..
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة ترفض الرأي القائل بأن أفعال إسرائيل تجاه الفلسطينيين تشكل فصلا عنصريا. وذلك بعد أن اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الإسرائيلية باتباع مثل هذه السياسات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس للصحفيين “نرفض الرأي القائل بأن أفعال إسرائيل تشكل فصلا عنصريا. ولم تستخدم تقارير الوزارة مثل هذه المصطلحات مطلقا”.
وأضاف برايس “نعتقد بأن من المهم ألا يُحرم الشعب اليهودي من حقه في تقرير المصير خاصة وأن إسرائيل الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، ويجب علينا ضمان عدم تطبيق معايير مزدوجة”.
ويأتي رد واشنطن بعد أن انضمت منظمة العفو الدولية إلى منظمات حقوقية أخرى واتهمت في تقرير صدر أمس الثلاثاء إسرائيل بارتكاب جريمة “الفصل العنصري” ضد الفلسطينيين ومعاملتهم على أنهم “مجموعة عرقية أدنى”، بينما استبقت إسرائيل التقرير برفضه. في حين وسارع الفلسطينيون الى الترحيب به.
وجاء في تقرير “أمنستي” الذي نشر يوم الثلاثاء “ينبغي مساءلة السلطات الإسرائيلية على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين”.
وأضاف، وفق ما جاء في النسخة العربية، “إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه. وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلاً عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى”.
ويعيش قرابة 6,8 ملايين يهودي وعدد مماثل تقريبا من العرب في إسرائيل والقدس والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وفق المعطيات الرسمية.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان ومقرها نيويورك اتهمت في أبريل 2021 في تقرير لها إسرائيل بارتكاب “جريمتين ضد الإنسانية” عبر اتباعها سياسة “الفصل العنصري” و”الاضطهاد” بحق عرب إسرائيل والفلسطينيين.
وأثار استخدام مصطلح “الفصل العنصري” غضب السلطات الإسرائيلية التي شجبت التقرير واعتبرته “منشورا دعائيا” غير متصل “بالحقائق والأرض”.
وتستخدم منظمات غير حكومية فلسطينية وإسرائيلية مثل “بتسيلم”، عبارة “الفصل العنصري” للإشارة إلى سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وقطاع غزة المحاصر.
ونقل التقرير عن الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار “تقريرنا يكشف النطاق الفعلي لنظام الفصل العنصري في إسرائيل. وسواء كان الفلسطينيون يعيشون في غزة، أو القدس الشرقية، أو الخليل، أو إسرائيل نفسها، فهم يُعامَلون كجماعة عرقية دونية ويُحرمون من حقوقهم على نحو ممنهج”.
معاداة السامية
واستبقت اسرائيل نشر التقرير برفضه على لسان وزارة خارجيتها. واعتبرت الاثنين أنه “ينكر عمليا بشكل مطلق حق (إسرائيل) في الوجود”.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في بيان “كانت منظمة العفو يوما ما منظمة موقرة نحترمها جميعا”، مضيفا “اليوم هي على عكس ذلك تماما”.
وتابع “بدلا من البحث عن الحقائق، تستشهد منظمة العفو بأكاذيب تنشرها منظمات إرهابية”.
ولفت لبيد الى أن دولة “إسرائيل ليست مثالية لكنها ديموقراطية ملتزمة بالقانون الدولي ومنفتحة على التدقيق”.
وقالت أنياس كالامار “كنا نودّ إجراء محادثة مع وزير الشؤون الخارجية عندما اتصلنا به أولا وعرضنا التحدث اليه حول التقرير، كان هذا في أكتوبر”.
وأضافت “لم يستجب لعرضنا في ذلك الحين. الوقت بات متأخرا جدا الآن لدعوتنا لعدم نشر التقرير”.
واتهم لبيد منظمة العفو الدولية بمعاداة السامية، قائلا “أكره استخدام الحجة بأنه لو لم تكن إسرائيل دولة يهودية، فلن يتجرأ أحد في منظمة العفو الدولية على التحدث ضدها، لكن في هذه الحالة لا يوجد احتمال آخر”.
وردت كالامار بأن “انتقاد ممارسات دولة إسرائيل لا يعد على الإطلاق شكلا من أشكال معاداة السامية”.
وأضافت “تقف منظمة العفو الدولية بقوة ضد معاداة السامية وضد أي شكل من أشكال العنصرية، وقد نددنا باستمرار بالأفعال المعادية للسامية وأيضا معاداة السامية من العديد من القادة في جميع أنحاء العالم”.
وعلّق رئيس المؤتمر اليهودي العالمي رونالد لودر وقال “إسرائيل مستهدفة باعتبارها الدولة اليهودية الوحيدة. هذا التقرير المتحيز والمسيّس يتجاهل أعمال الإرهاب الفلسطينية والتزام إسرائيل بالدفاع عن مواطنيها ضد هذا الإرهاب نفسه”.
ردود فعل
ورحبت الحكومة الفلسطينية بتقرير منظمة العفو الدولية. وقال متحدث باسمها ابراهيم ملحم “هذا التقرير من أكثر التقارير جرأة وإنصافا للشعب الفلسطيني”.
وأضاف أن التقرير “يمثل تحشيدا للعدالة الدولية لأول مرة، وهو مرحب به خصوصا بالنسبة الى مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك ومعاقبة إسرائيل، وفضح نظام الفصل العنصري”.
واعتبرت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة أن تقرير منظمة العفو الدولية جزء “أساسي ومفصلي في الجهود الدولية والقانونية الساعية إلى إنصاف شعبنا الفلسطيني الذي يواجه آخر احتلال عنصري بشع على وجه الأرض”.
ورأت أن “الحملة الإسرائيلية ضد المنظمة وتقريرها جهد آخر يضاف إلى عنصرية الاحتلال اللاإنسانية، من خلال سعيه لشطب الحقيقة، ومحو الحقائق، وتغييبها عن الرأي العام العالمي”.
من جهتها رفضت الولايات المتحدة الحليفة الأكبر لاسرائيل استخدام مصطلح الفصل العنصري.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس “نحن نرفض وجهة النظر القائلة بأن أفعال اسرائيل تشكل فصلا عنصريا”.
لكنه لفت الى أن الولايات المتحدة تأخذ “جميع المزاعم بشأن انتهاكات حقوق الإنسان بشكل جدي”.
وأضاف “نحن ندعم جهود الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية الى جانب ناشطي منظمات حقوق الإنسان لضمان المساءلة المتعلقة بانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان”.
المطالبة بالعدالة
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في عام 1967، وضمت القدس الشرقية. وتزايد منذ ذلك الحين عدد المستوطنين اليهود في المنطقتين، ويبلغ اليوم قرابة 700 ألف.
وتحتفظ إسرائيل بالسيطرة العسكرية على 4,7 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتتهم “هيومن رايتس ووتش” إسرائيل بتقييد حركتهم وبرفض إعطائهم تصاريح بناء وبمصادرة أراضيهم وبحرمانهم من حقوق الإقامة.
كما حثت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولي الثلاثاء على فرض “حظر” على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وعلى فرض “عقوبات” على المسؤولين الإسرائيليين “الأكثر تورطًا في جريمة الفصل العنصري”.
ويأتي تقرير منظمة العفو الدولية بعد عام من فتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا في “جرائم ضد الإنسانية” في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل.
ومن المتوقع أن يركز هذا التحقيق جزئيًا على جرائم الحرب المحتملة التي يمكن أن تكون ارتكبت خلال حرب 2014 في قطاع غزة بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي.
ودعت منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في “جريمة الفصل العنصري” في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية، كما ناشدت جميع الدول بممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم “مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة”.