في يومها العالمي.. أبو زيد يكشف في حوار كيف صمدت اللغة العربية رغم ما يحاك لها
قال المقرئ أبو زيد الإدريسي العضو السابق بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، إنه رغم ما يُحاك ضد اللغة العربية والإمعان في تهميشها في الإعلام وفي السياسات العمومية الرسمية، إلا أنها بقيت صامدة قوية بذاتها.
وأبرز أبو زيد في حوار خص به pjd.ma، أن اللغة العربية واعدة ومتمكنة فيها من المفردات مئات أضعاف ما في اللغات العادية، ولذلك فهي بحسبه قوية بذاتها رغم كل الضربات التي تتعرض لها، مثلها مثل الإسلام الذي يُحارب على جميع الأصعدة أخلاقيا وتشريعيا ودوليا وسياسا واعلاميا ولكنه قوي بذاته.
وفي ما يلي نص الحوار:
يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية الذي يُصادف 18 دجنبر من كل سنة، فكيف ترون واقع اللغة العربية اليوم؟
واقع اللغة العربية اليوم في ظل الحكومة الجديدة لا مطمع في تحسنه، لأنها ماضية على سنن الحكومة التي قبلها في السعي للتمكين لأجزاء محددة من القانون الإطار، وهذا ما تنبأنا به عند مناقشته أيام الوزير أمزازي، ولن يتغير الأمر مع الوزير شكيب بنموسى، بل العكس سيسوء لأن خلفية كل وزير تُحدد سياساته، وشكيب بنموسى لا يخفي أنه شخص فرنكفوني، تكوينه فرنكفوني، وعقليته فرنكوفونية، ثم إنه لن يُعمل سياسته الخاصة بل سيعمل سياسة الدولة، وسياسة الدولة اليوم هو إضعاف اللغة العربية بجميع الأدوات بمسمى التنوع اللغوي والتمكين للغات التكنولوجية زعما أنها الفرنسية رغم أن الواقع يقول أن الآنجليزية هي لغة التكنولوجيا الأولى في العالم، والسياسة الحكومية الرسمية مصرة على تفعيل الدارجة في كل الوصلات الإشهارية والتواصلية والتأطيرية للمواطنين من الانتخابات مرورا بالأزبال إلى الإجراءات الاحترازية لكوفيد كلها بالدارجة، التي ليس لها إلا دور واحد وهو إضعاف اللغة العربية.
ما هي أبرز التحديات التي تعيق تقدم اللغة العربية خاصة مع التطور التكنولوجي؟
إن الحديث عن التحديث هو حديث تبريري لتهميش اللغة العربية، لذلك فهذه اللغة أثبتت أنها لغة التكنولوجية ولغة الرقمنة ولغة الكمبيوتر، والدليل على ذلك أن وتيرة نمو اللغة العربية في الفضاء الأزرق هي ستة أضعاف وتيرة نمو اللغة الإنجليزية، أتحدث عن الوتيرة وليس عن الحضور، الإنجليزية حاضرة بشكل طاغي لأن الذين وضعوا الأنترنت وهندسوا الفضاء الأزرق هم “الأمريكان” ولكن وتيرة النمو اليوم، كما اثبت ذلك منذ زمان الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري كمتخصص وكمتتبع، أي أن العربية هي الأسرع وتيرة في النمو داخل الفضاء الأزرق، وكل الإشكالات التقنية حتى قبل أن يأتي العصر الحديث الذي نتحدث عنه اليوم الذي هو القرن 21 كان قد سعى إلى حلها الأخضر غزال رحمه الله في ظل بقائه على رأس مكتب التعريب لأزيد من ثلاثين سنة، ومحاولته تطوير الكاتبة التقليدية، كل هذه الأمور حُلت وحُسمت حتى بعد ظهور الكتابة الإلكترونية التي ألغت كل الإشكالات. اليوم اللغة الصينية لا تجد إشكالا في أن تؤطر ليس فقط شعبا من مليار و 400 مليون نسمة، وإنما تؤطر العالم رغم أن خطها معقد جدا جدا بالمقارنة مع الخط العربي، ولذلك فالحديث عن التحديات هو دائما الحديث عن إشكالات تقنية توضع كعراقيل في وجه اللغة العربية.
مثال آخر مع التعريب، حيث صدر أكثر من 100 معجم متخصص من معجم كوفيد الذي صدر مؤخرا إلى معجم الخياطة، وكل معجم يتضمن على الأقل 1000 كلمة، معناه أن التعريب مع التعبير بوسائله المحدودة وبميزانيته الهزيلة، والحصار الذي يعانيه ونزع أظافره ومخالبه عن طريق تغيير القوانين التي تؤطره وتحويله الى مجرد كيان هزيل تابع الى أحد فروع جامعة محمد الخامس، رغم كل هذا هو نهض بالمشكل من الناحية المعجمية.
أما من الناحية الالكترونية أصغر شاب في درب غلف ليس حاصلا على شهادة البكالوريا يمكن أن يحل لك أعقد الإشكالات الإلكترونية اليوم فقط لو أن هناك اقبال على اللغة العربية، لكن كيف سيكون الطلب على العربية إذا كان الطلب الرسمي معدوم، وإذا كانت السياسة الرسمية في الإعلام وفي الإدارة والتعليم تحارب العربية، هذا هو الاشكال الحقيقي نحن نختبئ منذ نصف قرن وراء السعي الى تطوير اللغة العربية..تيسير اللغة العربية.. تيسير الخط العربي..رقمنة اللغة العربية.. تطوير المعجم العربي.. إدخال العربية إلى لغة الكومبيوتر، ونختبئ وراء كل هذه الإشكالات المفتعلة من أجل أن ندعي أننا ما زلنا في طور الإعداد والتأهيل للغة العربية حتى تدخل للعصر الحديث، والحاصل أننا من يعرقل ذلك، لا يمكن للغة لم تدخل مجال التنفيذ الفعلي في الميادين الأربعة المعروفة وهي التعليم والاعلام والإدارة والاقتصاد، لا يمكنها أن تتطور ولا أمل في أن تتطور إلا إذا أصبحت حيز التنفيذ، فليس السلاح المعطل هو المسؤول عن صدئه وإنما تعطيله هو السبب في صدئه.
ما هو أفق اللغة العربية ودور النخبة في النهوض بها؟
نعم نعم النخبة لها دور، اليوم النخبة تقريبا صامتة باستثناء قلة قليلة من الناس وعلى رأسهم القائمون على ائتلاف اللغة العربية وبعض الهيئات للدفاع عن اللغة العربية، ورجال من أمثال الأستاذ أبو علي، باستثناء هذه القلة القليلة لا أحد يتحدث الآن، حتى في كلية الآداب التي نملك منها حوالي 20 كلية في المغرب، وحتى شعبة اللغة العربية داخل كلية الآداب لا ينتظم الأساتذة داخل نقابتهم ليكونوا فئة ترافعية تحسيسية نضالية لصالح اللغة العربية، الجميع متواطئ بالصمت أو التهميش أو الإضرار باللغة العربية بمسميات، حتى شعبة اللغة العربية والدراسات الإسلامية الذين ينبغي أن يقوما على هذا العمل علميا وأكاديميا وسياسيا هم لا يقومون بأي شيء تقريبا في هذا الاتجاه.
ومع ذلك اللغة العربية صامدة قوية بذاتها، اللغة العربية واعدة ومتمكنة فيها من المفردات مئات أضعاف ما في اللغات العادية، ولهذا فهي قوية بذاتها رغم كل الضربات مثلها مثل الإسلام الذي يُحارب على جميع الأصعدة أخلاقيا وتشريعيا ودوليا وسياسا واعلاميا ولكنه قوي بذاته، الآن المعول في العروبة وفي الإسلام وفي اللغة العربية على القوى الذاتية، أما السياسات العمومية المحلية والإقليمية والدولية في هذه المحطات الصعبة من تاريخ الأمة هي سياسات معادية لهذه المكونات التي هي جوهر الهوية الحضارية للأمة الإسلامية.