شريط الأخبار

فضيحة “الجنس مقابل النقط”.. الشجرة التي تخفي غابة الجامعة المغربية

فضيحة النقط مقابل الجنس التي تفجرت في جامعة الحسن الأول بسطات، مؤخرا، وقادت عددا من الأساتذة “الأجلاء جدا” في شعبتي العلوم القانونية والاقتصادية إلى السجن بتهم ثقيلة لا تليق بمكانتهم العلمية والاعتبارية ولا حتى الأخلاقية، كما لاتليق أيضا بالجامعة المغربية التي قد تكون تحولت من فضاء للعلم والتحصيل إلى ماخور وفضاء لصفقات الجنس مقابل النقط وسياسة “العطيني نعطيك” المشبوهة، بل هناك من فتح باب التسجيل مشرعا مفضلا دخول بعض الفئات مقابل شراء صمتها…
ولاشك أن هذه الفضيحة الجنسية التي انتهكت حرم جامعة الحسن الأول الفتية لن تكون هي الأولى أو الأخيرة ما دام الجسم التعليمي بجامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية يظم بين دفاته أساتذة فاسدين ومكبوتين عقولهم غارقة في البحث عما يغذي أنفسهم المريضة التي تنهل من تحت الحزام موزعين بأقلامهم جحيم من النقط على طالبات كن على استعداد لتقديم أجسادهن قربانا وليهتك عرضهن في ممارسة واضحة لدعارة مقنعة وفي خنوع تام لرغبات أساتذة عقولهم في فروجهم.
صحيح أن كل الأساتذة ليسوا شياطين وأن كل الطالبات لسن ملائكة، لكن الصحيح أيضا
أن هذه الفضيحة الجنسية وفضائح أخرى ليست الأولى من نوعها التي تعرفها جامعاتنا ولن تكون الأخيرة، فقد سبق وأن شهدت رحاب جامعة عبد المالك السعدي بتطوان فضيحة مماثلة قبل أربع سنوات، بطلها أستاذ جامعي كان يقايض أيضا طالباته بمعادلة “الجنس مقابل النقط” قبل أن يفتضح أمره ومن ثمة توقيفه حيث توبع بتهم ثقيلة تتعلق بهتك عرض أشخاص ممن له سلطة عليهم تحت الإكراه، واستغلال النفوذ والتحرش الجنسي وحكم عليه بالسجن النافذ…
لكن بخلاف طالبات جامعة الحسن الأول اللاتي فضلن الصمت والتستر على جلاديهن، وذلك على خلفية أن افتضاح أمر هذه القضية قد تم بالصدفة، فإن الطالبات ضحايا هذه الممارسات الإجرامية بجامعة عبد المالك السعدي قررن تدمير جدار الصمت وتوجيه أصابع الاتهام إلى أستاذهن، إذ تم الاستماع إليهن، حيث مكنت الإجراءات التقنية للبحث من حجز مجموعة من الرسائل النصية ذات الطبيعة الجنسية، والتي كان يتبادلها المشتبه فيه مع ضحاياه.
ومن هنا، فإن طالبات جامعة سطات ضحايا هذه القضية كن على علم بسلوك المشتبه فيهم المتمثل في كونهم يمارسون الضغط والابتزاز الجنسي على طالبات بالكلية مقابل تمتيعهن بنقط تفضيلية لا يستحقونها.      وبالتالي فإن صمتهن علامة الرضى وحجة ضدهن للاشتباه في تواطئهن في هذه القضية التي يمكن وصفها بفضيحة السنة حيث يتحملن أيضا قسطا من المسؤولية على خلفية تسترهن على جلادهن وتشجيعهن على نشر الدعارة المقنعة في الوسط الجامعي.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإن رئاسة جامعة الحسن الأول وعوض أن ترفع الغطاء عما يجري ويدور بحرم جامعتها التزمت الصمت هي أيضا، وبالتالي فإن كانت على علم بما كان يطبخ في طجينها الذي فاحت رائحة احتراقه فذلك مصيبة، أما وإن كانت هي آخر من يعلم فإننا أمام أسوء كارثة تعرفها الجامعة المغربية.
ومن هنا، ألم يكن حري برئاسة جامعة الحسن الأول أن تحدو حدوة جامعة عبد المالك السعدي بتطوان وتوجه، عن طريق محامي، شكاية رسمية للنيابة العامة، لإجراء بحث وتحقيق لفائدة الجامعة ضد الأساتذة المشتبه في علاقتهم الجنسية مع طالباتهم وتمكين المؤسسة من نتائج البحث والتحقيق، حتى يتسنى لها اتخاذ الإجراءات الإدارية الضرورية اتجاههم.

لكن مع انفجار فضيحة جامعة الحسن الأول يظهر بأن عقوبة أستاذ تطوان لم تكن رادعة لزملائه الفاسدين الذين ينشطون في مختلف جامعات المملكة، الشيء الذي يتطلب مراجعة قانوننا الجنائي حتى يصبح يساير تطور الجريمة بجامعاتنا التي بات البعض منها شبيه بماخور حيث يمكن أن يتحرش الأستاذ بطالباته وحتى هتك أعراضهن كما يمكن أن يلعب دور قواد معتمدا على السلطة التي تمنحها له المنظومة التعليمية، ومن ثمة وجب البحث عن عقوبة أكثر تشددا تهني طالباتنا من أمثال هذه الذئاب المكبوتة، حيث اقترح بعض الظرفاء الحكم على كل أستاذ سولت له نفسه تقييم امتحانات طالباته بقلمه الموزع للنقط بكرم حاتمي بعقوبة الخصي حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر.
ومن مكر الصدف أن انفجار فضيحة الجنس مقابل النقط بجامعة الحسن الأول صادفت احتفال النسويات بيومهن العالمي ضد العنف  بوضع “شالات” ذات ألوان برتقالية كتعبير للتضامن مع المعنفات، وكفى المؤمنات شر القتال، لكن هذه الجمعيات النسائية التي عودتنا بجعجعتها المألوفة في مثل هذه المناسبات التزمت جميعها الصمت في مواجهة فضيحة الجنس مقابل النقط التي تعيش على إيقاعها جامعة الحسن الأول، هذه الفضيحة المدوية التي تتحمل فيها الطالبات المشتبه بهن أيضا المسؤولية، وذلك على خلفية تسترهن في الغالب الأعم على جلاديهن…
لكن فضيحة الجنس مقابل النقط ما هي سوى الشجرة التي تخفي الغابة على خلفية أنها ليست وليدة الأمس القريب، بل هي جزء من ملف ضخم عنوانه الرشوة مقابل الجنس الذي تجري فصوله، ربما، في العديد من المؤسسات العامة أو الخاصة حتى تلك المكلفة بإنفاذ القانون، هذا الملف الذي أنجز حوله تحقيق صحفي ظل حبيس أدراج الجهات التي أنجزته بدل نشره لكي يرى كل من يتحمل المسؤولية في أي قطاع كان وجهه في المرآة.
صحيح أن كل من الأستاذ والطالبة أبناء بيئتهما، لكن الصحيح أيضا أن هذه البيئة باتت ملوثة برشوة من نوع خاص جدا كطريق سهل للحصول على شهادة جامعية أو وثيقة رسمية أو شغل..، مادام مانحها يفكر فقط في تحت الحزام من دون حسيب ولا رقيب…

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.