ثلاثة أسئلة لمدير الأكاديمية الجهوية لجهة مراكش – آسفي حول توظيف أطر الأكاديميات
يجيب مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش – آسفي، السيد أحمد الكريمي، في حوار خص به قناة (M24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن ثلاثة أسئلة تتعلق بالشروط الجديدة لتوظيف أطر الأكاديميات، ومدى مساهمة الإجازة في التربية في الرفع من جودة التدريس، وكذا بالانتقاء، والميزة، والمباراة.
1: النموذج التنموي الجديد، والقانون الإطار 51.17، والتصريح الحكومي، كلها مرجعيات كبرى حددت معالم شروط التوظيف الجديدة، فما الذي يبرر ذلك؟
العنوان الكبير للهدف الذي تسعى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى تحقيقه هو “بناء تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة”، وهذا ما اتفق عليه المغاربة جميعا ووضعوه بأسمى النصوص القانونية، ألا وهو دستور المملكة.
بطبيعة الحال، هذا الاختيار وخصوصا منه جانب جودة التعليم له مداخل متعددة، لكن أهمها وأبرزها هو “جانبية المدرس”، وأعتقد أن الشروط الجديدة قطعت مع مقاربة غير مجدية، وباشرت الإصلاح من منطلق واقعي وناجع، حتى وإن أصبح آنيا موضوع انشغال.
هذا القرار هو حامل لاستدامة الإصلاح، لأنه يبني جانبية أجيال من خريجي المدرسة ويعطيهم فرصة التنافسية، ويجيب عن أسئلة الكفاءة اللازمة مستقبلا، وبالتالي يدعم بناء تعدد الفرص لولوج سوق الشغل بشكل أيسر بالنسبة للأجيال اللاحقة.
2 : في نظركم، كيف ستساهم الإجازة في التربية في الرفع من الجودة؟ وهل باقي المسالك غير مواتية لمهنة التعليم؟
أولا: مباشرة بعد البكالوريا، اختيار مسالك التربية بالجامعة مؤشر عن رغبة الطالب في ولوج المهنة، وهذا عامل يؤكد الحافزية وحب المهنة، علما بأن الحافزية شرط من شروط النجاح في ممارسة أية مهنة.
ثانيا: الإجازة في التربية تدعم التكوين الأساس على مستويين أساسيين: مستوى التخصص، أي التكوين في مادة التدريس ومستوى الديداكتيك، وكل مقاربات التدريس بصفة عامة، وتلك المرتبطة بالمادة بصفة خاصة.
ثالثا: هندسة التكوين الأساس تنبني على استكمال التكوين على مستوى خصوصية مهنة التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. وهذا يعزز المسار الذي تم بناؤه على مستوى الجامعة، وأيضا كفايات المدرس تخضع للممارسة عبر إخضاع كل خريجي المراكز لسنة كاملة من التدريس عبر تحمل مسؤولية القسم ومواكبته من طرف أطر متخصصة.
وبالعودة للجودة، اختيار مهنة التدريس منذ السنة الأولى الجامعية، والاستفادة من خمس سنوات من التكوين، ودعم استقرار المدرس، وتوضيح الآفاق المهنية، كل هذه مقومات لابد أن ترفع من مستوى مردودية الفصل الدراسي، الذي هو الوحدة التدبيرية للمنظومة التربوية بكاملها.
وللإشارة كذلك، فإن هذا المسار سيتم تعزيزه من خلال التكوين المستمر كاختيار استراتيجي للرفع من أداء المدرس والاستمرار في عطائه، بشكل يواكب مستجدات الساحة التربوية. ولهذا فولوج المهنة في سن مناسب أقصاه 30 سنة، هو منظور يسمح بإعمال كل جوانب تجويد هذا المسار المهني، والرفع من العطاء والمردودية بالأقسام الدراسية، وتطوير مؤشرات منظومة التربية والتكوين ببلادنا.
رابعا: أود أن أذكر كذلك بأن الدراسة الأخيرة التي أنجزتها الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أكدت أن الدبلوم غير المتخصص مهما كان عاليا لا يؤثر بشكل بارز في مستوى الجودة. لهذا ينبغي دعم مسالك تخصصية في التربية منذ بداية المسار.
3 : الانتقاء، والميزة، والمباراة كتابيا وعمليا وشفويا، ألا ترون أن الأمر يرتسم كإكراه حقيقي أمام خريجي الجامعات؟
الأمر يتعلق في حد ذاته بهدف واحد، هو اختيار أجود العناصر لمزاولة مهنة هي أساس التنمية الاقتصادية وازدهار البلاد. فالمباراة مكون واحد من مكونات الانتقاء وهي غير كافية. والمباراة والانتقاء إن لم يتعززا بتكوين أساسي جامعي لا يضمنان “الجانبية” المطلوبة، حتى وإن تم ترتيب المتبارين. هذه هندسة متكاملة ولا تقبل التجزيء. والعديد من الدول اعتمدت هذا النموذج واستطاعت أن تطور من منظوماتها التعليمية، وخصوصا منها الدول الآسيوية. والهدف في النهاية هو وضع منهجية اختيار المدرسين تؤكد توفرهم على الكفايات اللازمة.
نحن إذن أمام مقاربة مفادها أن مهنة التدريس تنبني على مسار: مسالك تربية – تكوين- تدريب- توظيف. هذا المسار يجب أن يفضي إلى توظيف مدرسين يتميزون بكفايات تخصصية وبمهارات حياتية تبني لديهم الحماس المهني وتقوي الحس بمسؤولية المهمة المقبلين عليها، والقدرة على المثابرة مهما كانت الإكراهات، وذلك لتحقيق الجودة والرفع من مردودية المنظومة التربوية ببلادنا.