حينما يدق الرئيس التبون طبول الحرب بين المغرب والجزائر

اعتبر عبد المجيد التبون، الرئيس الجزائري، المثير للجدل أن من “الخزي والعار أن يأتي وزير من الكيان إلى بلد عربي ليهدد بلدا عربيا آخر”، وذلك في جوابه عن سؤال بخصوص تطور العلاقات المقطوعة منذ غشت الماضي مع جاره المغرب.
لكن رئيس الجارة الشرقية في جلسته الحوارية، مع الصحف المحلية المختارة بعناية وبثها التلفزيون الحكومي مساء  الجمعة الماضي، اختار أسلوب التلميح بدل التوضيح في رده على السؤال المذكور الشيء الذي جعل المتتبعين لم يفهموا من تصريح سعادة الرئيس عن أي وزير يتكلم ولا عن أي كيان يتحدث، هل عن كيان وهمي أم عن دولة معترف بها دوليا وطبعت معها حتى الآن أربع دول عربية ناهيك عن مصر والأردن والسلطة الفلسطينية.
ومن هنا، لم يفهم من تصريح رئيس المغرب الأوسط إن كان يقصد زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في غشت الماضي أم زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في نونبر الجاري للمغرب حيث وقّع البلدان اتفاقا للتعاون الأمني.
لكن يظهر من تصريح التبون أن الرجل مشغول بالنظر إلى حذبة جاره أكثر من اهتمامه بحذبته التي أدخله بها العسكر إلى قصر المرادية وهو يحمل عليها نعش دمار الفضاء المغاربي الذي يبدو أنه دق فيه آخر مساميره الصدئة عوض إدخاله على هودج يزف لمغرب الشعوب السلام والرخاء وإعادة الأمل واللحمة إلى جسده الكسيح الذي نخرته سياسات حكام يفضلون ركوب جياد الرهبة والتفرقة والتهديد والوعيد لتبرير إكتنازهم لترسانة من الأسلحة التي لن توجه إلا لصدور أبناء هذه المنطقة المسالمين الذين لن يجنوا من وراء حكامهم المغامرين إلا الدمار.
ألم يكن حري بالسيد التبون أن يحدد مع حوارييه وحدة الموضوع بالتركيز على الانتخابات المحلية في بلاده بدل تخصيص حيز هام من جلسته الحوارية لجاره المغربي وللتسول من ماما فرنسا لترميم العلاقات مع مستعمرتها السابقة على خلفية رده على سؤال “هل هناك جهود لإعادة العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى وضعها الطبيعي؟”، حيث قال التبون بلهفة الأطفال “نعم لازم العلاقات ترجع لوضعها الطبيعي، بشرط أنّ الآخر يفهم أن الند للند ليس استفزازا له. هي صيانة سيادة وطن..”.
لكن ما يجب أن يعرفه سعادة الرئيس أن “صيانة سيادة الأوطان” لا يجب أن تكال بمكيالين على خلفية تجاهله بأن جاره المغربي دولة ذات سيادة أيضا ترفض التدخل في شؤونها الداخلية أو إستباحة أراضيها التي استرجعتها بصفر شهيد إعتمادا على آلية تحرير مبتكرة أنذاك إسمها المسيرة الخضراء.
وبالتالي، أليس من “الخزي والعار” أن يقف بلد  شقيق رافعا ورقة مبدأ تقرير المصير المفترى عليه في وجه جاره ذنبه الوحيد أنه تمكن من تحرير أراضيه المحتلة من طرف إسبانيا.
ألم يفهم السيد التبون بأن عض اليد الممدودة وركوب جياد التهديد والوعيد وقطع الأرزاق في وجه جار يدافع على حرمة حدوده بأنه خزي وعار ورجس من الشيطان ولن يمر مرور الكرام…
لكن يبدو أن صانع القرار، أو صناع القرار، في نظام الجارة الشرقية لم يقرأ رسالة المغرب من التطبيع مع إسرائيل قراءة جيدة وبهدوء، وهي أن المغرب بلد ذو سيادة ويمكن أن يتحالف حتى مع الشيطان في سبيل الدفاع عن أراضيه، لاسيما وأنه تم دفعه دفعا من طرف شقيق حقود وجحود يريد أن يشعل المنطقة نارا معللا تصرفاته برفض حق المغرب في توطيد  علاقاته مع ما وصفه بالكيان الصهيوني.
إن محاولة الرئيس التبون شيطنة جاره الغربي بالركوب على التطبيع يعطي الدليل على أن الجزائر لازالت حبيسة “جبهة الرفض”، التي تأسست كرد فعل من مجموعة من القادة العرب على زيارة الرئيس المصري السابق النور السادات إلى القدس في أواخر سبعينات القرن الماضي حيث استرجعت صحراء سيناء، وحينها رد على ردود فعل الجبهة المذكورة بمقولته الشهيرة  “العربة تسير والكلاب تنبح”.
لكن الجبهة المذكورة التي تشرشم شملها وغاصت معظم مكوناتها في حروب أهلية لم تكن تعي حينها أن قادتها يرعدون ولا يمطرون وأن تحرير الأوطان لا يتم بالشعارات ولا برفع الشارات ولا بعدد الشهداء… ومن هنا نهمس في أذن الرئيس التبون بعدم اللعب بالكلمات والجلوس مع المغرب لطرح كل الملفات على طاولة المفاوضات ودفن الماضي كما يفعل الحكام العقلاء…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.